على عقبه ، قال : وكانت نفقته في كلّ سنة سبعة عشر درهماً. (١)
وهذا من غرائب الأُمور ، إذ مع أنّه لا يكفي لنفقة إنسان طول السنة مهما بلغت قيمة العملة الفضية ، كما هو معلوم لمن تتبع قيمة الدرهم والدينار في العصور الإسلامية ، إنّ الشيخ قام بتأليف كتب يناهز عددها المائة ، وبعضها يقع في مجلدات ضخمة ، وقد ذكر المقريزي أنّ تفسيره يقع في سبعين مجلداً. (٢)
وهذا المبلغ لا يفي بقرطاس كتبه وحبرها ويراعها ، والعجب أنّ الكاتب المعاصر عبد الرحمن بدوي حسب الرواية حقيقة راهنة ، وأخذ بالمحاسبة الدقيقة ، وخرج بهذه النتيجة : أنّ الأشعري كان ينفق في السنة ١٧ درهماً ، والدرهم ( ٩٥/٢ ) غراماً من الفضة فكان مقدار ما ينفقه في العام هو ما يساوي ( ١٥/٥٠ ) غراماً من الفضة ، ثمّ قال : فما كان أرخص الحياة في تلك الأيام. (٣)
ولأجل ما في هذا النقل من الغرابة ، نقله ابن خلّكان بصورة أُخرى ، وهي أنّ نفقته كلّ يوم كانت (١٧) درهماً. (٤)
ولكن الحقّ ما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية ، من أن مُغَلَّه كان في كلّ سنة (١٧) ألف درهم (٥). فسقط الألف من نسخ القوم ، وبذلك تجلّى الأشعري بصورة أنّه كان زاهداً متجافياً عن الدنيا.
رجوعه عن الاعتزال
اتّفق المترجمون له على أنّه أعلن البراءة من الاعتزال في جامع البصرة ،
ــــــــــــــــــ
١ ـ التبيين : ١٤٢.
٢ ـ الخطط المقريزية : ٢/٣٥٩.
٣ ـ مذاهب الإسلاميين : ٥٠٣ ـ ٥٠٤.
٤ ـ وفيات الأعيان : ٣/٣٨٢.
٥ ـ البداية والنهاية : ١١/١٨٧ حوادث عام ٢٢٤ هـ.