وبعبارة أُخرى : لا سمع قبل ثبوت نبوة النبي.
وحصيلة البحث : إنّ منكر الحسن والقبح ، منكر لما هو من البديهيات ، ولا يصحّ الكلام معه ، لأنّ النزاع ينقطع إذا بلغ إلى مقدّمات ضرورية ، وهؤلاء ينازعون في نفس المقدّمات الضرورية ، وليت شعري ، إذا لم يحكم العقل بامتناع التكليف بما لا يطاق وجوّز أن ينهى الله سبحانه العبد عن الفعل ويخلق فيه اضطراراً ويعاقبه عليه ، فقل : لو لم يدركه العقل فأي شيء يدركه؟
قيل : اجتمع النظّام والنجار للمناظرة ، فقال النجار : لم تدفع أن يكلّف الله عبادَهُ ما لا يطيقون؟ فسكت النظام ، فقيل له : لم سكت؟ قال : كنت أريد بمناظرته أن ألزمه القول بتكليف مالا يطاق ، فإذا التزمه ولم يستح ، فبم ألزمه؟
التحسين والتقبيح في الكتاب العزيز
إنّ التدبر في آيات الذكر الحكيم يعطي أنّّه يسلم وجود التحسين والتقبيح العقليين خارج إطار الوحي ، ثمّ يأمر بالحسن وينهى عن القبيح :
١ ـ قال سبحانه : (انَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُربى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالبَغْي يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). (١)
٢ ـ (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّي الْفَواحِشَ). (٢)
٣ ـ (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ). (٣)
٤ ـ (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللّهُ أَمَرَنا بها قُلْ إِنَّ اللّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاء). (٤)
ــــــــــــــــــ
١ ـ النحل : ٩٠.
٢ ـ الأعراف : ٣٣.
٣ ـ الأعراف : ١٥٧.
٤ ـ الأعراف : ٢٨.