وكما شهد على ذاته بالقيام بالقسط ، عرّف الغاية من بعثة الأنبياء بإقامة القسط بين الناس.
قال سبحانه : (لَقَدْأَرْسَلْنا رُسُلنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النّاس بِالقِسْطِ). (٢)
كما صرح بأنّ القسط هو الحجر الأساس في محاسبة العباد يوم القيامة ، إذ يقول سبحانه : (وَنَضَعُ الْمَوازينَ القِسْط لِيَوم القِيامَة فَلا تُظْلَمُ نَفسٌ شَيْئاً ) (٣). إلى غير ذلك من الآياتالواردة حول العدل والقسط.
وهذه الآيات إرشادات إلى ما يدركه العقل من صميم ذاته ، بأنّ العدل كمال لكلّ موجود حي ، مدرك مختار ، وأنّه يجب أن يوصف الله به في أفعاله في الدنيا والآخرة ، وأنّه يجب أن يقوم سفراؤه به.
العدل في التشريع الإسلامي
وهذه المكانة التي يحتلها العدل هي التي جعلته سبحانه يعرف أحكامه ويصف تشريعاته بالعدل. وأنّه لا يشرع إلاّما كان مطابقاً له.
يقول سبحانه : (وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعها وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُون). (١)
فالجزء الأوّل من الآية ناظر إلى عدله سبحانه بين العباد في تشريع الأحكام ، كما أنّ الجزء الثاني ناظر إلى عدالته يوم الجزاء في مكافأته ، وعلى كلّ تقدير فإنّ شعار الذكر الحكيم هو : (وَما ظَلَمهُمُ الله وَلكِن كانُوا أَنفُسَهُم يَظْلِمُون). (٢)
ــــــــــــــــــ
١ ـ الحديد : ٢٥.
٢ ـ الأنبياء : ٤٧.
٣ ـ المؤمنون : ٦٢.
٤ ـ النحل : ٣٣.