وكلامه ، ووجهه ، ويده ، وأنّ القرآن كلام الله غير مخلوق ، وأنّه تعالى موجود تجوز رؤيته ، وأنّ إرادته نافذة في مراداته ، وما لا يخفى من مسائل الأُصول التي تخالف ( طريقه ) طريق المعتزلة والمجسمة فيها ، وإذا لم يكن في مسألة لأهل القبلة غير قول المعتزلة ، وقول الأشعري قول زائد ، فإذا بطل قول الأشعري ، فهل يتعين بالصحة أقوال المعتزلة؟ وإذا بطل القولان فهل هذا إلاّ تصريح بأنّ الحقّ مع غير أهل القبلة؟ وإذا لعن المعتزلة والأشعري في مسألة لا يخرج قول الأُمّة عن قوليهما ، فهل هذا إلاّ لعن جميع أهل القبلة؟
معاشر المسلمين الغياث الغياث! سعوا في إبطال الدين ، ورأوا هدم قواعد المسلمين ، وهيهات هيهات! ( يُريدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ الله بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى الله إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ ) (١) وقد وعد الله للحق نصره وظهوره وللباطل محقه وثبوره ، ألا إنّ كتب الأشعري في الآفاق مبثوثة ، ومذاهبه عند أهل السنّة من الفريقين معروفة مشهورة ، فمن وصفه بالبدعة علم أنّه غير محق في دعواه ، وجميع أهل السنّة خصمه فيما افتراه.
وقال في مختتم الرسالة : ولما ظهر ابتداء هذه الفتنة بنيسابور ، وانتشر في الآفاق خبره ، وعظم على قلوب كافة المسلمين ، من أهل السنة والجماعة أثره ، ولم يبعد أن يخامر قلوب بعض أهل السلامة [والوداعة ] توهم في بعض هذه المسائل أنّ لعلّ أبا الحسن علي بن إسماعيل الأشعري رحمهالله ، قال ببعض المقالات ، في بعض كتبه ، ولقد قيل من يسمع يخل ، أثبتنا هذه الفصول في شرح هذه الحالة ، وأوضحنا صورة الأمر ، بذكر هذه الجملة ، ليضرب كل [من ] أهل السنّة ، إذا وقف عليها ، بسهمه ، في الانتصار لدين الله عزّ وجلّ ، من دعاء يخلصه ، واهتمام يصدقه ، وكل عن قلوبنا بالاستماع إلى [شرح] هذه القصّة يحمله ، بل ثواب من الله سبحانه على التوجع بذلك يستوجبه ، والله غالب على أمره ، وله الحمد على ما يمضيه من أحكامه ، ويبرمه ويقضيه في أفعاله ، فيما يؤخره ويقدمه ، وصلواته على سيدنا محمد المصطفى وعلى آله وسلم تسليماً.
ــــــــــــــــــ
١ ـ التوبة : ٣٢.