روى القاضي ابن أبي يعلى بسنده : أنّه ما كان يجلس مجلساً إلاّ ويذكر فيه أنّ الله عزّوجلّ ـ يُقعِد محمّداً صلىاللهعليهوآلهوسلم معه على العرش ، وليس هذا بغريب عن مثل البربهاري ، إنّما الغريب أن يتبعه من ينسب إلى العلم مثل ابن قيم وأُستاذه ابن تيمية محيي البدع في القرن الثامن.
قال الأوّل : المراد من المقام المحمود إقعاد الرسول على العرش. (١)
وقال الثاني فيما ردّ به على « أساس التقديس » للرازي عند الكلام في الاستواء : ولو شاء الله لاستقرّ على ظهر بعوضة ، فاستقلت بقدرته ، فكيف على عرش عظيم (٢)؟
وقد حكى ابن أبي يعلى في طبقاته بطريق الأهوازي حيث قال : قرأت على علي القومسي عن الحسن الأهوازي قال :
سمعت أبا عبد الله الحمراني يقول : لمّا دخل الأشعري بغداد جاء إلى البربهاري فجعل يقول : رددت على الجبائي وعلى أبي هاشم ، ونقضت عليهم وعلى اليهود والنصارى والمجوس ، وقلت وقالوا ، وأكثر الكلام ، فلمّا سكت قال البربهاري : وما أدري ممّا قلت لا قليلاً ولا كثيراً ، ولا نعرف إلاّ ما قاله أبو عبد الله أحمد بن حنبل. قال : فخرج من عنده وصنف كتاب « الإبانة » فلم يقبله منه ، ولم يظهر ببغداد إلى أن خرج منها. (٣)
والحقّ أنّ كتاب « الإبانة » لا يفترق عمّا كتبه أبناء الحنابلة في عقائدهم قدر شعرة ، ففيه الجبر والتجسيم والتشبيه ، إلى غير ذلك ممّا يعتقده المتطرّفون من أهل الحديث ، ولأجل ذلك شكّ بعض المحقّقين كالشيخ محمّد زاهد الكوثري في صحّة نسبة ما طبع من الإبانة إلى الشيخ الأشعري صيانة لمقامه عن بعض الأُمور الشنيعة الواردة فيه ممّا لا يفترق عن التجسيم والجهة.
ــــــــــــــــــ
١ ـ بدائع الفوائد : ٤/٣٩.
٢ ـ لاحظ تعليقة تبيين كذب المفتري : ٣٩٣.
٣ ـ تبيين كذب المفتري ، قسم التعليقة : ٣٩١.