والمفسرين ، وكلّ طائفة تمسّكت بلفيف من الآيات ، فتمسّك المثبت بقوله سبحانه : (إِلى ربّها ناظرة) وتمسّك النافي بقوله سبحانه : (لا تُدْرِكُهُ الأَبْصار وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصار وَهُوَ اللَّطيف الخَبير).
فكيف يكون إنكار النافي رداً للقرآن ، ولا يكون إثبات المثبت رداً له؟!
فإذا جاز التأويل لطائفة لما يكون مخالفاً لعقيدته ، فكيف لا يسوغ لطائفة أُخرى؟!
وليست رؤية الله يوم القيامة من الأُمور الضرورية التي يلازم إنكارها إنكار الرسالة ولا إنكار القرآن ، بل كل طائفة تقبل برحابه صدر المصدرين الرئيسيين ، أعني : الكتاب والسنّة ، ولكن يناقش في دلالتهما على ما تدّعيه الطائفة الأُخرى ، أو تناقش سند الرواية وتقول : إنّ القول بالرؤية عقيدة موروثة من اليهودوالنصارى ، أعداء الدين ، وقد دسّوا هذه الروايات بين أحاديث المسلمين ، فلم تزل مسلمة اليهود والنصارى يتحينون الفرص لتفريق كلمة المسلمين ، وتشويه تعاليم هذا الدين ، حتى تذرعوا بعد وفاة النبي بشتى الوسائل إلى بذر بذور الفساد ، فأدخلوا في الدين الحنيف ما نسجته أوهام الأحبار والرهبان.
٤ ـ إنّ الاعتقاد بشيء من الأُمور من الظواهر الروحية لا تنشأ جذوره في النفس إلاّ بعد تحقّق مبادئ ومقدّمات توجد العقيدة ، فما معنى قول من يقول في مقابل المنكر للرؤية : السيف السيف ، بدل أن يقول : الدراسة الدراسة ، الحوار الحوار؟!!
أليس شعار « السيف السيف » ينم عن طبيعة قاسية ، ونفسية خالية من الرحمة والسماحة؟!
وأنا أجلّ إمام دار الهجرة عن هذه الكلمة.
٥ ـ إنّ مفتي الديار النجدية لم يعتمد إلاّ على نقول وفتاوى ذكرها ابن القيم في كتابه دون أن يرجع إلى تفسير الآيات واحدة واحدة ، أو يناقش المسألة في ضوء السنّة.