حدوثها ممّن ليس بقادر حي ، لم ندر لعل سائر ما يظهر من الناس يظهر منهم وهم عجزة موتى ، فلماّ استحال ذلك ، دلّت الصنائع على أنّ الله حي. (١)
كان الأليق التفكيك بين الحياة والقدرة ، وتقديم البحث في القدرة على البحث في الحياة ، لأنّه إذا ثبت كونه قادراً ـ وقد أثبت فعله كونه عالماً ـ ثبت كونه حياً بلا حاجة إلى الاستدلال الجديد ، لأنّ الحيّ عبارة عن العالم القادر ، أو الدرّاك الفعال. فمن كان عالماً قادراً فهو حيّ قطعاً.
ج. الله سبحانه سميع بصير
قال الأشعري : إنّ الحي إذا لم يكن موصوفاً بآفة تمنعه من إدراك المسموعات والمبصرات إذا وجدت ، فهو سميع بصير ، والله تعالى منزّه عن الآفة من الصمم والعمى ، إذ كانت الآفة تدّل على حدوث من جارت عليه. (٢)
يلاحظ عليه : أنّ الأبصار تتعلّق بالأضواء والألوان. والسمع يتعلّق بالأصوات والكلمات ، فلو كان إبصاره سبحانه للمبصرات ، وسماعه للمسموعات بالإدراك الحسي المادي ، نظير الإنسان والحيوان ، لاحتاج في تحقّقهما إلى الآلة. وعند ذاك يأتي ما ورد في كلام الشيخ من مسألة الصحّة والتنزّه عن الآفة ، نظير الصمم والعمى ، وأنّ الآفة آية الحدوث.
وأمّا لو كان توصيفه بهذين الوصفين بالمعنى اللائق بساحته ، فحقيقة كونه سميعاً بصيراً ترجع إلى حضور المسموعات والمبصرات لديه ، وعدم غيابهماعنه سبحانه ولا يختص الحضور بهما ، بل الموجودات على الإطلاق بهوياتها الخارجية حاضرة لديه ، لأنّها قائمة به سبحانه ، قيام المعنى الحرفي بالمعنى الاسمي ، فهي حاضرة لديه ، غير غائبة عنه ، من غير فرق بين المبصر والمسموع وغيرهما ، وتخصيصهما بالذكر لكون الحس المتعلّق بهما في الإنسان
ــــــــــــــــــ
١ ـ اللمع : ٢٥.
٢ ـ اللمع : ٢٥.