المراد من الزيادة هو أنّها ليست ذاته ولا غير ذاته ، ولكنّه كلام صوري ينتهي عند الدقة إلى ارتفاع النقيضين.
والعجب أنّ الأشعري في موضع من كتابه « اللمع » ينفي غيرية الصفات للذات حتى لا يلزمه القول بتعدّد القدماء. لكنّه يفسر الغيرية بالصفات المفارقة ، ويقول : إنّ معنى الغيرية جواز مفارقة أحد الشيئين للآخر على وجه من الوجوه ، فلمّا دلّت الدلالة على قدم الباري تعالى وعلمه وقدرته ، استحال أن يكونا غيرين.
وغير خفي على القارئ النبيه أنّ الزيادة المستلزمة لتعدّد القدماء كما تتحقّق في مفارقة الصفات كذلك تتحقّق في ملازمتها ، فالقول بعدم الوحدة يستلزم تعدّد القدماء ، وإن كانت الصفات لازمة.
إنّ القول بأنّ له سبحانه صفات زائدة على الذات قديمة مثله ممّا لا يجترئ عليه مسلم واع ، ولم يكن أحد متفوّهاً بهذا الشرك من المسلمين غير الكلابية ، وعنهم أخذ الأشعري. قال القاضي عبد الجبار :
وعند الكلابية أنّه تعالى يستحقّ هذه الصفات لمعان أزلية ، وأراد بالأزلي : القديم ؛ إلاّ أنّه لماّ رأى المسلمين متّفقين على أنّه لا قديم مع الله تعالى لم يتجاسر على إطلاق القول بذلك ، ثمّ نبغ الأشعري وأطلق القول بأنّه تعالى يستحقّ هذه الصفات لمعان قديمة ، لوقاحته وقلّة مبالاته بالإسلام والمسلمين. (١)
٢ ـ إنّ القول باتّحاد صفاته مع ذاته ، يستلزم غناه في العلم بما وراء ذاته ، عن غيره ، فيعلم بذاته كلّ الأشياء من دون حاجة إلى الغير. وهذا بخلاف القول بالزيادة ، إذ عليه : يعلم سبحانه بعلم سوى ذاته ويخلق بقدرة خارجة عن ذاته. وكون هذه الصفات أزلية لا يدفع الفقر والحاجة عن ساحته ، مع أنّ وجوب الوجود يقتضي الاستغناء عن كلّ شيء.
وأمّا الاستدلال على الزيادة بظواهر بعض الآيات ، كقوله سبحانه :
ــــــــــــــــــ
١ ـ الأُصول الخمسة : ١٨٣ ـ وقد تقدّم ملخّصاً فلاحظ.