إذا كان ذلك القيد ممّا يمكن تقييد المطلق به وإذا فرض أن اعتبار التّقرب لا يمكن أخذه في متعلق الأمر بالعبادات وتقييده به فلا مجال لاستظهار عدم اعتباره بأصالة الإطلاق كما لا يخفى.
ومن هذا القبيل أيضا نيّة الوجه والتّميز في العبادات لأنهما يجيئان من قبل الأمر كالتّقرب فلو اعتبرا فيها لكان اعتبارهما لأجل دخلهما في حصول الغرض من الأمر بها كالتّقرب ، فلا يعقل أن نؤخذ شيء منهما في متعلق الأمر ، فلا وجه لاستظهار حد من اعتبارهما أيضا ما حالة الإطلاق ، وبالجملة لا مجال لجريان أصالة الإطلاق في كلّ ما له دخل في حصول الغرض من الأمر ممّا لم يعقل أخذه في متعلقه ، نعم تجري فيه قاعدتان نظير أصالة الإطلاق.
الأولى : إذا كان الأمر في مقام بصدد بيان تمام ما له دخل في حصول غرضه وإن لم يكن له دخل في متعلقه وسكت في ذلك المقام ولم يبيّن دخل ما شك في دخله في حصول الغرض كالتّقرب كان سكوته حينئذ قرينة على عدم دخله فيه ، وإلّا لكان سكوته حينئذ نقضا لغرضه ومنافيا لحكمته ، فعدم البيان في ذلك المقام بيان للعدم ، لوجود ملاك أصالة الإطلاق فيه كما هو واضح ، وأمّا إذا لم يحرز ذلك المقام وشكّ في أن الأمر هل كان بصدد بيان كلّ ما له دخل في حصول غرضه من الأمر أم لا. فالمرجع حينئذ أصالة الاشتغال لا أصالة البراءة حتى عند من قال بالبراءة العقليّة عند الشّك في اعتبار ما أمكن دخله في متعلق الأمر من الأجزاء والشّرائط كشيخنا العلامة (أعلى الله مقامه) وذلك لأن الشّك حينئذ ليس في أصل التّكليف ولا في اعتبار شيء في متعلقه لأن المكلّف به بجميع أجزائه وشرائطه مقطوع به حسب الفرض ، بل إنّما هو في طريق الإطاعة وكيفيّة الخروج عن العهدة والمرجع في هذا