مورد الاجتماع ، فيعمل فيه بقواعد التّرجيح بين المقتضيات المتزاحمات ولا يبعد الالتزام به.
«الأمر الثّامن»
قد تقدّم أن مورد الاجتماع على القول بجوازه محكوم فعلا بكلا الحكمين ، ويترتّب عليه لوازمهما فله أن يأتي به بقصد القربة وبداعي الأمر ، ولو أتى به كذلك وإن كان عبادة كأن صلّى في الدّار المغصوبة مع المندوحة عن فعلها في غيرها بداعي الأمر كان صحيحا ومسقطا له وموجبا لاستحقاق الثّواب على امتثاله واستحقاق العقاب أيضا على مخالفة النّهي لأنّه حسب الفرض كان متمكّنا من عدم مخالفته بفعل الواجب في ضمن غير الفرد المحرّم ومع هذا أتى به ضمنه فقد عصاه بسوء اختياره ، وبالجملة ، على القول بالجواز لا إشكال في حصول الامتثال بفعله لوجود المقتضي وعدم المانع ، وكذا على القول بالامتناع مع ترجيح جانب الأمر ، إلّا أنّه عليه لا معصية ولا عقوبة.
وربّما يتوهّم المنع ، بدعوى أنّ تعلّق الأمر به يكون نقضا للغرض من النّهي فيستحيل صدوره عن الحكيم بيان ذلك أنّ المصالح والمفاسد الّتي تستتبعها الأحكام من قبيل الأغراض ، ومفروض الكلام في المقام ما كانت للمكلّف مندوحة بأن كان متمكّنا من امتثال كلّ من الأمر والنّهي ولكنّه بسوء اختياره جمع بينهما في المجمع ، ومن الواضح أنّ المكلّف في هذه الصّورة يتمكّن من تحصيل غرضيه من الأمر والنّهي بأن يعمّم دائرة متعلّق نهيه للمجمع ويضيق دائرة متعلّق أمره بأن يخرجه عن تحته لعدم تمكن المأمور حينئذ من تحصيل غرض الأمر بفعل