العبادات ولا خصوص الكيفيّة الّتي تعتبر في المأمور به شرعا ، لأنّه مع أنّه يستلزم أن يكون قيد على وجهه في العنوان توضيحيّا وهو بعيد ، يستلزم خروج العبادات عن حريم النّزاع بناء على ما تقدم من أن قصد القربة ونحوه في العبادة غير مأخوذ في متعلق الأمر بها ، إذ على هذا التّقدير يكون قصد القربة ونحوه كالوجه والتّميز ، هذا على القول باعتبارهما في العبادات من الكيفيات المعتبرة في الإطاعة عقلا لا من الكيفيات المعتبرة في متعلق الأمر بها شرعا ، فلا بدّ من أن يكون المراد بالوجه في كلماتهم معنى يندرج فيه جميع ما ذكر وهو ما ذكرناه كما لا يخفى.
«الامر الثّاني»
الظّاهر أن المراد بالاقتضاء في كلماتهم الاقتضاء بنحو العلّية والتّأثير لا بنحو الكشف والدّلالة ، وبعبارة أخرى الاقتضاء في مقام الثّبوت لا في مقام الإثبات ، ولذا نسبوا الاقتضاء إلى الإتيان لا إلى الصّيغة ، ضرورة أن الاقتضاء بنحو الكشف والدّلالة إنّما يتصور بالنّسبة إلى مثل الصّيغة من اللّفظ لا إلى مثل الإتيان من الفعل الخارجي ، فإن الاقتضاء فيه بنحو العلّية والتّمايز بخلاف اللّفظ.
فإن قلت : سلّمنا أن الإتيان بالمأمور به مقتض للإجزاء بنحو العلّية ، لكن نقول أن هذا بالنّسبة إلى أمره واقعيّا كان أو اضطراريّا أو ظاهريّا ، وأمّا بالنّسبة إلى أمر آخر كالإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري أو الظّاهري بالنّسبة إلى الواقعي فلا ، فمرجع النّزاع فيهما حقيقة إلى أن دليلهما هل يدلّ على أن العمل على طبقهما واف بتمام المصلحة المطلوبة واقعا وكاف في حصول تمام الغرض من الأمر الواقعي كالعمل على طبقه أم لا؟