الفصل الثّاني
هل للعموم صيغة تخصّه أم لا؟
اختلفوا في أنّه هل للعموم صيغة تخصّه أم لا؟ بل كل ما ادّعي كونه كذلك مختص بالخصوص أو مشترك بينهما على أقوال ، والحقّ هو الأوّل ، لتبادر العموم من بعض الألفاظ قطعا كلفظة كلّ وما يرادفها في جميع اللغات ، والتّبادر علامة الوضع والحقيقة ، ولا مانع من ذلك سوى ما ذكروه تمسّكا لما عدا القول الأوّل ، وهي وجوه اعتبارية لا اعتبار بها ، غير صالحة للمنع. منها ما يتمسّك به للقول الثّاني وهو وجهان.
الأوّل : أن الخصوص متيقّن الإرادة ، لأنّه إمّا مراد من اللفظ بخصوصه مستقلا أو في ضمن العموم تبعا ، بخلافه ، فإنّه مشكوك الإرادة واختصاص الموضوع بالمتيقّن أولى من اختصاصه بالمشكوك ، فإنّه أوفق بحكمة الواضع حيث أنّ غرضه من الوضع ليس التّفهيم والتّفهّم.
الثّاني : أنّ تخصيص العمومات كثير جدّا حتّى اشتهر وشاع وذاع إلى أن قيل مبالغة «ما من عام إلّا وقد خص» وحكمة الواضع تقتضي تخصيصه الوضع بإزاء ما