التّكوينيّة ، ولذا تظهر آثارها من استحقاق العقوبة على المخالفة وهكذا يقال عكس ما ذكر في طرف سيّد الشّهداء صلوات الله عليه ، وإنّه لمّا تعلّقت الارادة التّكوينيّة لوجوده الشّريف بأن اقتضاه النّظام الأحسن الكلّى ، وبعبارة الاخرى ، لمّا وقع وجوده الشّريف في سلسلة العلل والمعلولات فلا بدّ منه ، وإذا فرض أن ذاته الشّريفة تقتضي إرادة الخيرات ومنها تقبل الشّهادة وتحمّل المصيبات ، فلا بدّ من وقوعها عنه بحسن إرادته واختياره فيستحق لأجل عظمها في المثوبات العظيمة والدّرجات الرّفيعة ما لن يناله غيره بفعل عبادة أو قبول شهادة ، وهكذا يقال في جميع يصدر عن النّاس من حسنات الأعمال وسيّئات الأفعال ، وبالجملة ينتهى الأمر فيها بالاخرة إلى ما بالذّات من الكمال أو النّقصان المقتضي لصدور الشّرور أو الخيرات من الكفر والإيمان والاطاعة والعصيان ، والذّاتى لا يعلّل ، ولا مجال فيه للسّؤال لم خلق كذا؟ فإنّه بمثابة أن يقول الكلب أو الخنزير لم خلقت كلبا أو خنزيرا؟ ويقول الممكن : لم خلقت ممكنا محتاجا؟ فإن حقيقة الممكن الاحتياج ، وحقيقة الكلب أو الخنزير ما يصدر عنهما من الصّفات الكلبيّة والخنزيريّة ، فليس للناس على الله الحجّة بل لله على النّاس الحجّة البالغة.
وهم ودفع :
وهم : ربّما يختلج بالبال عنه على ما ذكر من كون الإرادة التّشريعيّة عبارة عن علمه تعالى بالمصلحة في عمل المكلّف أو نفس التّكليف أو أحدهما يلزم بناء على كونها عين الطّلب أن بكون المنشأ في الخطابات الشّرعيّة هو العلم بالمصلحة وأن لا يكون علّة فيها بالمرّة. ودفع : بأنّه ليس المراد بكون الإرادة عين العلم بالمصلحة