وينبغي التّنبيه على أمور :
«الأمر الأوّل»
لو اضطرّ الى ارتكاب الحرام فإن لم يكن بسوء الاختيار فلا شبهة ولا إشكال في أنّه يسقط التّكليف بأثره وتبعته ، أعني استحقاق العقوبة على مخالفته لأنّ الخطاب به والزّجر والرّدع عنه حينئذ لغو ، والعقوبة عليه عقوبة على غير المقدور ، وصدورهما بحقّ الحكيم قبيح ، وإن كان بسوء الاختيار ، فإن لم يكن ارتكابه مقدّمة ، لتخلّص عن حرام فكذلك يسقط الخطاب ، لكونه حينئذ لغوا ، إلّا أنّه يصدر عنه مبغوضا عليه ومستحقّا عليه العقاب لأنّه عصيان لذلك الخطاب السّابق لأجل الاضطرار ، والامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار بهذا المعنى ، ولذا لا يصلح لأن يتعلّق به الإيجاب ، وهذا ممّا لا شبهة فيه ولا إشكال في الجملة ، إنّما الإشكال فيما إذا كان الاضطرار بسوء الاختيار وكان ما اضطرّ إليه ممّا انحصر التّخلص عن الحرام به ، كما إذا توسّط الأرض المغصوبة كذلك ، فإنّه بعد الدخول فيها يضطرّ إلى ارتكاب الحرام ، أعني التصرف فيها بقاء أو خروجا ، وكلّ منهما غصب وعدوان ، لكونه غير مأذون من قبل المالك ، إلّا أنّه بالخروج عنها يتخلّص عن محذور ارتكاب الحرام ، أعني البقاء فيها ، فاختلفوا في حكم الخروج على أقوال ، قيل بأنّه منهي عنه فقط ، وقيل بأنّه مأمور به كذلك مع جريان حكم