الفصل الثّامن
في جواز تخصيص العام بالمفهوم المخالف وعدمه
اختلفوا في جواز تخصيص العام بالمفهوم المخالف وعدمه على قولين ، وكانّهم اتّفقوا مع جواز تخصيصه بالمفهوم الموافق ، ولعلّ وجهه أن دلالة الكلام عليه أقوى من دلالته على المفهوم المخالف ، فيكون حاله حال المنطوق فيجوز تخصيص العامّ به كالمنطوق.
وينبغي أن يعلّم أوّلا ما هو ملاك التّخصيص مطلقا كي ينكشف به حال المسألة فنقول : من المعلوم أنّه ليس إلّا أظهريّة المخصّص أو صراحته في إثبات الحكم المخالف لحكم العامّ لما تعلّق به من أفراده من إثبات حكمه له بحيث لو انعكس الأمر لزم تقدّم العامّ على المخصّص والتّصرّف فيه ، ولذا ربّما يقدّمون العام عليه لإبائه عن التّخصيص أو لأظهريّته من المخصّص في إثبات حكمه لما تعلّق به حكم المخصّص ، سواء كانا في كلام واحد ، أو في كلامين ، لأنّ المعيار في تقديم أحدهما على الآخر كما في جميع موارد التّرجيح بحسب الدّلالة هو أظهريّة أحدهما من الآخر أو صراحته ، فإذا فرض العام كذلك أي أظهر ، أو صريحا في العموم.