الأمر التّاسع
في ثبوت الحقيقة الشّرعية وعدمه
اختلفوا في ثبوت الحقيقة الشّرعية وعدمه على أقوال ، وقبل الخوض في تحقيق المسألة ينبغي تبيان مقدّمة وهي : أنه كما يمكن الوضع التّعييني في الواضع بلسانه كأن يقول : سمّيت ابني زيدا ، أو وضعت أو عينت هذا اللّفظ لهذا المعنى ، كذلك يمكن بالقائه اللّفظ الى المخاطب واستعماله في معنى غير مسبوق لوضع أصلا على وجه يري ويفهم أنه في مقابل المعنى وحاك عنه وقالب له على نحو يكون من القسم الأول من الوضع ، كأن يقول : جئني بزيد ابني ، ويريد بنفس هذا الاستعمال وضع زيد لابنه ، وهذا النّحو من الاستعمال وإن كان لا بدّ فيه من نصب القرينة ، إلّا أنه ليس من قبيل نصب القرينة في المجاز ، لأنه للدّلالة على الوضع لا للدّلالة على إرادة المعنى كما في المجاز. وعدم اتصاف هذا النّحو من الاستعمال الغير المسبوق بالوضع بشيء من الحقيقة والمجاز غير قادح ، لأنه ممّا يقبله الطّبع ولا يستهجنه ولا يعتبر في صحة الاستعمال أزيد من هذا كما تقدم إن هو الا نظير استعمال اللّفظ في صنفه أو نوعه فإنه أيضا لا يتصف بشيء منهما مع أنه صحيح قطعا.