اتّصال زمان الشّك بزمان اليقين ، وهذا ممّا لا يمكن إحرازه في شىء من الحادثين اللّذين علم إجمالا بتقديم أحدهما على الآخر ، فالمرجع حينئذ قاعدة الطّهارة ، وحيث أن المفروض في المثال الثّاني هو الماء القليل بقرينة قوله عليهالسلام : «يهريقهما ويتيمّم» فلذا لم يأمر بالوضوء بكلّ منهما فيه ، فتحصل ممّا ذكرنا أنّ الحكم في المثالين كإهراق الإنائين في الثّاني إمّا تعبّدي وإمّا لجهة اخرى غير تغليب الحرمة على الوجوب عند الدّوران بينهما.
وأقول : سلّمنا كون جهة الحرمة في المثالين تغليب جانب الحرمة على الوجوب ، لكن الدّوران فيهما بين الواجب والحرام ، وبعبارة الاخرى بين فعل المكلّف بالفتح لا المكلّف بالكسر ، وتغليب الحرمة في الأوّل لا يستلزم تغليبها في الثّانى كما عرفت سابقا.
«الأمر الثّالث»
قد عرفت أن ملاك باب الاجتماع إنّما هو وجود المقتضي لكلّ من الحكمين في المجمع بخلاف باب التّعارض بين الأدلّة حسبما مرّ مرارا ، فلا فرق في جواز الاجتماع وامتناعه على القولين بين ما إذا كان المجمع معنونا بعنوانين وموجها بوجهين يقتضي أحدهما التّحريم على وجه الإطلاق بحيث يشمل المجمع ، والآخر يقتضي الإيجاب أيضا كذلك ، كعنواني الصّلاة والغصب المتصادقين على الأكوان الصّلاتية الواقعة في الدّار المغصوبة ، وبين ما إذا كان مضافا بإضافتين مع اتّحاد عنوانه يقتضي أحدهما التّحريم مطلقا حتّى في المجمع والاخرى الإيجاب كذلك حتّى فيه ، كما لو ورد «أكرم العلماء ولا تكرم الفسّاق» وفرض العلم بأن الإكرام المضاف إلى العالم