الشّك فيه الأصل عدم جعلها سببا ومؤثرا فيه إلّا أن يكون لدليل جعلها كذلك عموم أو إطلاق يشمل مورد النّهي لولاه ، وحينئذ كان المرجع أصالة العموم أو لاطلاق لرجوع الشّك في اقتضاء النّهي للفساد حينئذ إلى الشّك في التّخصيص أو التّقييد ، والاصل عدمها ، فلا بدّ في كلّ عدد من ملاحظة دليل تلك المعاملة المنهي عنها أو عن جزئها هل له عموم أو إطلاق كذلك أم لا؟ فإن كان له عموم أو إطلاق فهو المرجع عند الشّك وإلّا فالمرجع أصالة الفساد كما لا يخفى.
وأقول : هذا الاستثناء أيضا جار في العبادات فلا وجه لتركه فيها.
«الأمر الثّامن»
النّهي المتعلّق بالعبادة على أقسام ، لأنّ متعلقه إمّا نفس العبادة ، كصلاة الحائض مثلا ، أو جزئها كقراءة العزيمة في الصّلاة ، أو شرطها الخارج عنها كالطّهارة من الحدث أو الخبث والتّستر بالماء والثّوب المغصوبين بالنّسبة إليها ، أو وصفها الملازم لها كالجهر والاخفات للقراءة فيها ، أو الملازم الغير الملازم لها كالغصبيّة لأكوان أنّ الصّلاة المنفكة عنها ، وهذه الأقسام في النّهي عن العبادة وإن كانت متصوّرة في المعاملة أيضا ، إلّا أنّ جميعها غير واقعي فيها ، بل بعضها.
وكيف كان ، لا ريب في دخول القسم الاوّل في حريم النّزاع ، وكذا الثّاني لأنّ جزء العبادة أيضا عبادة ، حيث أنّها لا تكون إلّا عبارة عن مجموع الأجزاء ويعتبر في كلّ واحد منها صلاحيته لأن يتقرّب به ولو في ضمن الكلّ ، والنّهي يمنع عن ذلك ويقتضي فساده ، وفساده يستلزم فساد الكلّ ، أعني عدم صلاحيته لأن يتقرّب به ، هذا فيما لو اقتصر على ذلك الجزء ، وأمّا إذا لم يقتصر عليه ، بل أتى بعده بما لم يتعلّق به