«الأمر السّادس»
وربّما قيل أو يقال أن النّزاع في المسألة مبني على القول بتعلّق الأحكام بالطّبائع ، وأمّا على القول بتعلّقها بالأفراد فلا محيص من القول بامتناع الاجتماع ، إذ عليه يلزم تعلّق الحكمين بواحد شخصي وإن كان ذا وجهين ، وهو غير جائز ، لأنّ الأحكام كلّها متضادّة ، وربّما قيل أو يقال أيضا أن النّزاع في المسألة مبني على النّزاع في تلك المسألة القول بالامتناع ، على القول بتعلّق الأحكام بالأفراد ، إذ عليه يكون متعلّق الحكمين المتضادّين شخصا خارجيّا وفردا واحدا ، والقول بالجواز على القول الآخر ، إذ عليه يكون متعلّق الحكمين متعدّدا بحسب الذّات وإن كان متّحدا بحسب الوجود الخارجي. وعلى هذا التّوهّم يكون مرجع النّزاع في المسألة إلى النّزاع في تلك المسألة.
وقضيّة كلا التّوهمين إنّه على القول بتعلق الأحكام بالأفراد لا محيص من الالتزام بامتناع الاجتماع ، ولكن كلا التوهّمين فاسد ، لجريان النّزاع هنا على كلا القولين هناك. لأحد أن يقول بتعلّق الأحكام بالأفراد وبجواز الاجتماع وله أن يعكس بأن يقول بتعلّقها بالطّبائع وبالامتناع لعدم ترتّب شيء من القولين هنا على شيء من القولين هناك ، وذلك لأن الّذي يجدي هنا كما سيأتي تحقيقه إنشاء الله هو أنّه هل يكفي تعدّد الوجه والعنوان في رفع غائلة استحالة اجتماع الضّدّين في الموضوع الواحد أو لا يكفي؟
وبعبارة الاخرى ، تعدّد الوجه والعنوان هل يوجب تعدّده فيكون موجودين توأمين بوجود واحد فيجوز الاجتماع مطلقا ، سواء قيل بتعلّق الأحكام بالطّبائع أو بالأفراد ، أو لا يوجب تعدّده ، بل وحدة وجوده يمنع من كونه اثنين فيكون