بجعل النّزاع في مطلق دلالة الصّيغة ولو بالالتزام ، إذ على هذا القول وإن كان مدلول النّهي أي الحرمة تقتضي الفساد ، إلّا أنّه مع هذا يقال : أنّ النّهي يقتضي الفساد أي يدلّ عليه بالالتزام وبتوسّط مدلوله ، وبالجملة إن جعلت المسألة لفظيّة بأن يقال أن البحث فيها في دلالة الصّيغة مطلقا ولو بالالتزام ، أعني بتوسّط مدلولها تعمّ جميع الأقوال بخلاف ما إذا جعلت عقليّة فلا تعم بعضها حسبما عرفت فلذا ألجأنا إلى جعلها لفظيّة بالمعنى الّذي تقدّم.
«الأمر الثّالث»
التّعبير بلفظ النّهي الظّاهر في التّحريمي النّفسي في العنوان وإن كان يوهم اختصاص النّزاع به ، إلّا أنّ ملاك النّزاع فيه جار في التّنزيهي في العبادات لوضوح أنّه كما أنّ الحرمة لا تجامع الصّحّة فيها ولذا كان النّهي التّحريمي مقتضيا للفساد فيها كذلك ، الكراهة المطلقة الّتي تكون مدلول النّهي التّنزيهي وهى محل الكلام فى المقام لا الكراهة بالإضافة الى سائر الافراد الّتي تسمّى اصطلاحا بكراهة العبادات لا تجامع الصحّة في العبادات ، فلا فرق بين القسمين في العبادات ، وبالجملة مطلق المرجوحيّة فيها سواء بلغت مرتبة الالزام أو الحرمة أو الكراهة المطلقة لا المضافة الى سائر الأفراد لا يجامع الصّحة في العبادات ، فلا وجه لتخصيص النّزاع فيها بالتّحريمي ، وعدم جريان الملاك في التّنزيهي المتعلّق بالمعاملات لأنّه يجامع صحّتها قطعا لا يوجب تخصيص النّزاع بالتّحريمي ، فإنّ جريان الملاك في غيره ولو في خصوص العبادات يكفي في تعميم العنوان ، غاية الأمر أن عدم جريانه في المعاملات يوجب التّفصيل في التّنزيهي بأن يقال : أنّه يقتضي الفساد في العبادات