الفصل الرّابع
في مقدمة الواجب
وأقوى ما يدلّ على المطلوب من وجوب المقدّمة الوجدان عند ملاحظة ما هو مرتكز في الأذهان ، فإن الإنسان إذا راجع إلى نفسه عند أمره عبده بماله مقدّمة أو مقدّمات يرى أنّه يريدها ويطلبها منه أيضا لو التفت إليها ، غاية الأمر إن طلبها وإرادتها غيري تبعي تطفلي ترشح من قبل طلب الغير إرادته بمعنى أنه لو التفت إليها ورأي أن ما هو مطلوب به نفسا متوقف عليها بحيث لا يمكن إيجاده بدونها يحدث له في نفسه طلب آخر نحوها ، بل ربّما يبعث إليها ويجعلها في قالب الخطاب والطّلب أيضا بتلك الجهة والحيثيّة الّتي يبعث نحوه بإنشاء طلبه أعني من جهة مولويته وأمريته ، فيقول بعده مثلا : أدخل السّوق واشتر اللّحم؟ هل الأمران والطّلبان بملاك واحد ، أعني بملاك المولويّة أو الثّاني كذلك ، والأوّل إرشادي محض ، فيكون هذا الأمر من المولى على نحو ما قاله غيره لو فرض إن المولى اقتصر على قوله أدخل السّوق ، ولم يدر العبد أن اللّحم في أي مكان ، فسأل عن الغير وأجابه بقوله : أدخل السّوق واشتر اللّحم ، حيث أن الأوّل حينئذ لا يكون إلّا