ترك الصّلاة ويؤيّد بل يدلّ على ما ذكرنا من عدم كون الجهة تغليب جانب الحرمة إيجاب الإمام عليهالسلام الصّلاة بعد أيّام الاستظهار وقبل البلوغ إلى العشرة ، لوضوح أنّه لو كانت الجهة ما ذكر لزم تحريم الصّلاة إلى العشرة ، ويمكن أن لا يكون الحكم تعبّديّا كالأمر بإهراق الإنائين والتيمّم في المثال الثّاني ، ودليل الجهة فيه الابتلاء بنجاسة البدن بالاستصحاب لو توضأ بكل من الإنائين على وجه يحصل له القطع بصدور وضوء صحيح منه بأن يتوضأ بأحدهما ثمّ يطهر مواضع وضوئه بالآخر ثمّ يتوضّأ به ، فإنّه حينئذ يقطع بوضوء صحيح منه لو أتى بهما احتياطا ، فإنّه وإن ارتكب حراما أيضا بناء على الحرمة الذّاتية ، إلّا أنّه لا ينافي قصد القربة بما في الذمة من الواجب واقعا وإن لم يعلمه تفصيلا ، إلّا أنّه بعد ملاقات بدنه للماء الثّاني يقطع بنجاسته حينئذ تفصيلا ، لأنّه لا يخلو إمّا أن يكون النجس هو الثّاني فيحدث بمجرّد ملاقاته النّجاسة للبدن ، وإمّا أن يكون النجس هو الأوّل فيكون نجسا من قبل إلى حين الملاقاة ، إذ بمجرّد ملاقات الثّاني قبل انفصال الغسالة والتعدّد لا تحقّق الطّهارة ، فعلى أي تقدير يقطع بأن بدنه حين ملاقاته للماء الثّاني نجس ، إمّا من السّابق أو حينه ، وبعد تطهيره بالثّاني يشك في زوال نجاسته والأصل بقاءها (١).
نعم ، لو كان الماء الثّاني بمقدار تتحقق الطّهارة بمجرد ملاقات البدن إيّاه كما لو كان كرا ولم نعتبر الانفصال والتّعدد فيه لا يعلم تفصيلا بنجاسة البدن حين ملاقاته له وإن علم إجمالا بنجاسته إمّا بملاقات الأوّل أو الثّاني ، ولا مجال للاستصحاب الطّهارة حينئذ لما حققناه في بابه من أنّه يعتبر في إجرائه إحراز
__________________
(١) أقول ولا يقدح في ذلك تردد المعلوم تفصيلا بين ما يزول بعد الانفصال والتّعدد وبين ما يبقى إلى أن يردد عليه مطهر آخر لأنّه من قبيل القسم الثّاني من أقسام استصحاب الكلّي ولا مانع من جريانه فيه كما حقّق في محلّه ، لمحرّره.