المعصية ، أعني استحقاق عقوبة عليه ، وقيل بأنّه مأمور به كذلك مع عدم جريان حكم المعصية عليه. هذا على القول بعدم جواز الاجتماع.
وأمّا على القول بجوازه ، فعن أبي هاشم أنّه مأمور به ومنهى عنه ، واختاره الفاضل القمّي «قدسسره» ناسبا له إلى أكثر المتأخّرين ، وظاهر الفقهاء ومقتضي التّحقيق أنّه منهيّ عنه لكن لا بالنّهي حال الاضطرار ، لأنّه حينئذ لغو مطلقا وإن كان بسوء الاختيار ، بل بالنّهي السّابق عليه السّاقط بحدوثه وعصيان له بسوء الاختيار ولا يكون بمأمور به أصلا ، أما أنه منهي عنه بالنّهي السّابق على الاضطرار ، فلأنّه يصدق عليه أنّه غصب وتصرّف في ملك الغير بدون إذنه وعدوان وتعدّ عليه مع كونه مقدورا له ، وإن كان وجوده متوقّفا ومتفرّعا على الدّخول المحرم فعلا ، ويكفي في صحّة التّكليف كون المكلّف به معذورا ولو بالواسطة ، والخروج عن الأرض المغصوبة كالبقاء فيها مقدور بواسطة اختيار الدّخول فيها ، فيصحّ تعلّق النّهي به ، لأنّه كان قادرا على تركه بأن لا يختار الدّخول.
وبعبارة الاخرى : النّهي الوارد في الأدلّة عن التّصرّف في ملك الغير بدون إذنه مطلق يشمل أنحاء التّصرف فيه دخولا وبقاء وخروجا حركة وسكونا ، وإن كان بعضها متفرّعا على بعض آخر ، كالبقاء والخروج على الدّخول فيه ، ولا يقتضي هذا خروج ذلك البعض عن الإطلاق ، لأن الجميع مقدور ، وإن كان بعضها مقدورا بالواسطة ، ويكفي في صحّة التّكليف مطلق المقدوريّة ، فلا مانع من إبقاء النّهي على إطلاقه وعدم إخراج بعض أنحاء التّصرف كالخروج عنه ، ويشهد لهذا أنّه لو انعكس الفرض بأن تعلّق غرض بإيجاد الخروج صحّ وتعلّق الأمر المطلق به ، غاية الأمر أنه يجب حينئذ عقلا إيجاد مقدّمته وهي الدّخول كي يتمكّن في إيجاده ،