فلو صحّ تعلّق الأمر به صحّ تعلّق النّهي به أيضا على حدّ سواء ، وبالجملة ، لا يعتبر في صحّة تعلّق النّهي بالأفعال التّوليديّة والمسببات كالأمر بها أزيد من كون أسبابها بيد المكلّف وتحت إرادته واختياره ، ولذا لو تعلق الأمر المطلق بالطّهارة مثلا لزم تحصيل الماء بقدرها ولو بإذابة الثّلج أو خلط غيره به وجه لا يسلبه الإطلاق مع وجوده ، وعدم كفايته لها ، والخروج عن الارض المغصوبة كالبقاء فيها كذلك ، فصحّ تعلق النّهي به ، والمفروض أنّ ما دلّ على أنّه لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك الغير إلّا بإذنه ولا يحلّ مال امرئ إلّا بطيب نفسه عام ، يشمل جميع أنحاء التّصرّف ، فلا مقتضي لإخراج مثل الخروج عنه ، نعم بعد الدّخول في الأرض المنصوبة بسوء الاختيار يسقط النّهي أي الخطاب والزّجر والرّدع عنه ، لكونه حينئذ لغوا ، إلّا أنّه مع هذا يقع الفعل أي الخروج مبغوضا عليه ومستحقّا عليه العقاب ، لأنّه عصيان لذلك الخطاب وإن أوجبه العقل ، حيث أنّه أقلّ القبحين وأخفّ المحذورين إرشادا إلى ذلك ، وأمّا أنّه ليس بمأمور به فلأنّه لا وجه لصيرورته كذلك عدا ما يتخيّل من كونه مقدّمة منحصرة للتّخلّص عن الحرام ، أعني البقاء في الأرض المغصوبة والتّخلّص عن الحرام ، أعني ترك البقاء فيها واجب بنحو الإطلاق عقلا وشرعا ، ومقدّمة الواجب المطلق واجبة ، فيجب الخروج لذلك.
ويضعّف : بمنع المقدّميّة أوّلا : حتّى في صورة انحصار التّخلّص عن الحرام بالدّخول ، بأن لا يحتمل رفع المنع بمثل الاشتراء أو الانتقال بالإرث ونحو ذلك. ومنع ترشّح الوجوب إلى خصوص مثل هذه المقدّمة ، ثانيا ، توضيح ذلك : إنّ مقدار الخروج عن الأرض المغصوبة من التّصرّف فيه غير قابل لتعلّق التّكليف به أصلا ،