إفاضة الفيض على حسب استعدادات المقتضيات وقابلية القوابل إن كان الشّيء بنفسه مستعدا وقابلا لإعطاء الخير يفيض الخير عليه ، وكذا في الشّر ، وليس التّفكيك بين المقتضي والمقتضى خيرا بل الخير إفاضة الفيض على كلّ شيء بحسب ما يقتضيه ويطلبه إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا ، ولا يصح استناد شيء إلى الله تعالى إلّا هذا المقدار ، ومرجعه إلى عدم التّفكيك بين العلل ومعلولاتها ، ولا محذور في الالتزام به فهو تبارك وتعالى أوجد الذوات بما عليها من الخصوصيات الشّقي شقيا في بطن أمّه والسّعيد سعيدا في بطن أمّه لا جعلهما شقيا وسعيدا فإن الشّقاوة والسّعادة إنّما تنشآن من اختيارهما النّاشئ من مباديه المنتهية بالاخرة إلى ما بالذّات من انقضاء السّعادة أو الشّقاوة فإن الذّوات بما هي عليه من الاستعدادات والاقتضاءات إذا كانت على طبق النّظام الأحسن.
وبعبارة أخرى : إذا وقعت في سلسلة العلل والمعلولات واقتضت الوجود فلا بدّ من اعطاء الوجود وافاضة الفيض عليها فإنها حينئذ تام القابليّة. وهو سبحانه أيضا تام الفاعليّة ولا يخل في المبدأ الفيّاض الواجب الوجود فلا محاله يعطيها الوجود ، مثلا إذا وقعت في تلك السّلسلة انعقاد نطفة مثل الشّمر ويزيد لعنهما الله فلا جرم يعطيها الوجود ، وإذا فرضت النّطفة خبيثة تقتضي تكون مثل الشّمر عنه فلا بدّ من تكوّنه عنها ، وإذا فرض أن خباثة ذاته الشرور تقتضي إرادة الشّرور ومنها قتل سيّد الشّهداء صلوات الله عليه ، فلا بدّ من صدور ما عنه باختياره وإن كان على خلاف مصلحته ، ولذا كلّف بتركه ويعاقب على فعله ، فهو معاقب على فعله النّاشئ عن اختياره النّاشئ عن مساوي اختياره المنتهية إلى خبث ذاته وسوء سريرته ، وفي مثل هذا المورد تتخلف الارادة التّشريعيّة عن الإرادة