وفيه : إن الإيجاب الغيري لا يتعلق إلّا بما كانت مقدّمة ، ضرورة أنه على القول بالملازمة ليس إلّا ترشحا من وجوب ذي المقدّمة ، فما لم يكن الشّيء مقدّمة للواجب لا يترشح من وجوب وجوبه إليه لأنه أجنبي عنه ، فكيف يترشح من وجوبه وجوب إليه؟ فالإيجاب الغيري مطلقا متوقف على المقدّمية ، وبعبارة أخرى موضوع الحكم الشّرعي بناء على الملازمة ليس إلّا موضوع الحكم العقلي ، ومن الواضح أنّ العقل لا يحكم بالوجوب إلّا فيما كان مقدّمة للواجب ، فيكون حكم الشّرع بالوجوب أيضا متوقفا على المقدّمية فلو كانت مقدّمية الشّرط الشرعي متوقفة على وجوبها شرعا يلزم الدّور ، نعم إثبات المقدّمية الشّرعيّة قد يكون بالإيجاب الشّرعي كاستفادة شرطيّة الطّهارة للصّلاة من مثل قوله تعالى : (إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم) الآية كما أن استفادة المانعيّة الشّرعيّة قد يكون بالنّهي وقد يكون استفادتها وإثباتها بمثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «لا صلاة إلّا بطهور» أو «صلّ عن طهارة» مثلا. فما صدر عن المفصل من توقف مقدّمية الشّرط الشّرعي على إيجابه شرعا إنّما نشأ من اشتباه مقام الإثبات بمقام الثّبوت في بعض المقامات ، إذ قد عرفت أن استفادة الشّرطيّة أو المانعيّة الشّرعيّة لا تنحصر في ورود الأمر أو النّهي ، بل يمكن استفادتهما بنحو آخر.
وكيف كان ، المقدّمة الشّرعيّة من الشرطية أو المانعيّة منتزعة من الأمر النّفسي المتعلق بذي المقدّمة إذا أخذ على وجه لا يكاد يوجد إلّا مع وجود شيء أو عدمه مقارنا له أو ما لم يتعلق الأمر بشيء على نحو خاص لا توجد تلك الخصوصيّة إلّا باقترانه بوجود شيء وعدم آخر معه لا ينتزع بذلك الشّيء الشّرطيّة ولهذا المانعيّة ، وبعد تعلقه به كذلك ينتزع لهما الشّرطيّة والمانعيّة الشرعية ، كما أن انتزاع