وبالجملة أن قلنا بأن أصالة الظّهور أو الحقيقة حجّة مطلقا حتى فيما لا دخل له بارادة المتكلّم كاثبات الوضع للصّحيحة في المقام فالاخبار المذكورة بضميمتها تدل على المطلب ، ودعوى الوضع الثّانوي لأمثال هذه التّراكيب كدعوى شيوع استعمالها في إرادة نفي الصّحة أو الكمال ممنوعة ، حتّى فيما علم من الخارج إرادة نفي الكمال مثل «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد» إذ يمكن حمله في هذه الصّورة أيضا على نفي الحقيقة بنحو من العناية والتّجوز في أمر عقلي بإن ينزل غير الكامل من الصّلاة مثلا منزلة المعدوم ويدعي أنه من أفراده ينتفي عنه الحقيقة على سبيل المبالغة لا الحقيقة ، فإنه أبلغ في إفادة المبالغة المقصودة من مثل الكلام من ارتكاب سائرا التّصرفات عن الاضمار أو التّجوز في الاسناد أو الكلمة ، بل لا دلالة فيها على المبالغة. ومما ذكرنا ظهر وجه الاستدلال بأخبار أخر مثل «الصّلاة عمود الدّين ، ومعراج المؤمن» و «الصوم جنّة من النّار» ونحوها مما يكون ظاهرة في إثبات بعض الخواص والآثار لمسميات ألفاظ العبادات ، فإنها بضميمة أصالة الظّهور أو الحقيقة بناء على اعتبارها في إثبات جميع الآثار واللوازم كالوضع في المقام تدل على المدعي كما لا يخفى. إلّا إنك قد عرفت الاشكال في اعتبارها كذلك ، فغاية ما يستفاد من هذه الأخبار وأشباهها مجرد الاستعمال وهو أعمّ من الحقيقة والمجاز.
الوجه الرّابع : دعوى القطع بإن طريقة الواضعين وعادتهم في مقام وضع الألفاظ للمركبات جارية على وضعها لما هو المهم لهم فيها والمطابق لأغراضهم وهو الصّحيح ، أي التّام الواجد لجميع الاجزاء والشّرائط لا الفاسد ولا الأعم ، فإنه قضية الحكمة الدّاعية على الوضع وهي مسيس الحاجة الى التعبير عنها والحكم