(العام والخاصّ)
قبل الوصول إلى محل البحث لا بأس بالإشارة إلى عدة نقاط :
الأولى : ان العام معناه الشمول لغة وعرفاً ، وأما اصطلاحاً فالظاهر انه مستعمل في معناه اللغوي والعرفي ، ومن هنا فسروه بما دل على شمول الحكم لجميع أفراد مدخوله.
الثانية : ما هو الفرق بين العام والمطلق الشمولي كقوله تعالى «أحل الله البيع» و «تجارة عن تراض» وما شاكلهما حيث انه يدل على شمول الحكم لجميع أفراد مدخوله. أقول : الفرق بينهما هو ان دلالة العام على العموم والشمول بالوضع ودلالة المطلق على ذلك بالإطلاق ومقدمات الحكمة وتترتب على هذه النقطة من الفرق ثمرات تأتي في ضمن البحوث الآتية ، الثالثة : ان العموم ينقسم إلى استغراقي ومجموعي وبدلي ، فالحكم في الأول وان كان واحداً في مقام الإنشاء والإبراز الا انه في مقام الثبوت والواقع متعدد بعدد أفراد العام ، ففي مثل قولنا (أكرم كل عالم) وان كان الحكم في مقام الإنشاء واحداً الا انه بحسب الواقع ينحل بانحلال أفراد موضوعه فيكون في قوة قولنا (أكرم زيد العالم) و (أكرم بكر العالم) وهكذا فيثبت لكل فرد حكم مستقل غير مربوط بالحكم الثابت لآخر. وفي الثاني واحد في مقامي الإثبات والثبوت باعتبار ان المتكلم قد جعل المجموع من حيث المجموع موضوعاً واحداً بحيث يكون كل فرد جزء الموضوع لا تمامه وفي الثالث أيضا كذلك حيث ان الحكم فيه تعلق بصرف وجود الطبيعة السارية إلى جميع أفرادها كقولنا مثلا (أكرم أي رجل شئت) والمفروض ان صرف الوجود غير قابل للتعدد ، وعليه فلا محالة يكون الحكم المتعلق به واحداً.