والإنشاء من هيئة الفعل الماضي على ما تقدم. وبالجملة أن أداة العموم لا تستعمل إلا فيما وضعت له سواء ورد تخصيص على العام أم لم يرد وسواء أكانت القضية حقيقية أم كانت خارجية فلا فرق بين موارد التخصيص وغيرها إلا ان التخصيص بالمتصل أو المنفصل يوجب تقييد مدخول الأداة ومن الظاهر أن التقييد لا يوجب كون ما يرد عليه القيد مستعملا في غير ما وضع له أصلا على ما سيجيء تحقيقه في محله إن شاء الله تعالى.
وأما توهم ان ـ التخصيص إذا كان راجعاً إلى تقييد مدخول أداة العموم ورافعاً لإطلاقه كان حال العام حال المطلق الشمولي في ان استفادة العموم منه تحتاج إلى جريان مقدمات الحكمة في مورده ، وعليه فلا وجه لما تقدم سابقاً من تقدم العام على المطلق عند التعارض. وبالجملة ان شمول الحكم لكل فرد من أفراد العام إن كان مستنداً إلى الدلالة الوضعيّة كان التخصيص الكاشف عن عدم الشمول مستلزماً لكون العام مجازاً ، وان لم يكن الشمول المزبور مستنداً إلى الوضع ، بل كان مستفاداً من مقدمات الحكمة لم يكن موجب لتقدم العام على المطلق عند المعارضة ـ فهو مدفوع بما مر في بحث مقدمة الواجب من ان إحراز لحاظ الماهية مطلقة وان كان يتوقف على جريان مقدمات الحكمة في كل من المطلق والعام إلا ان وجه تقدم العام على المطلق انما هو من جهة أن أداة العموم تتكفل بمدلولها اللفظي سراية الحكم بالإضافة إلى كل ما يمكن أن ينقسم إليه مدخولها ، وهذا بخلاف المطلق ، فان سراية الحكم فيه إلى الأقسام المتصورة له إنما هي من جهة حكم العقل بتساوي أفراد المطلق وحيث ما فرض هناك عام دل بمدلوله اللفظي على عدم تسوية افراد المطلق فهو يكون بياناً له ومانعاً من سراية الحكم الثابت له إلى تمام أفراده».
نلخص ما أفاده (قده) في عدة نقاط :
الأولى : ان تخصيص العام لا يوجب التجوز لا في أداة العموم ،