الخامسة عشرة : ان الأقوال في ماء الاستنجاء ثلاثة الصحيح بمقتضى الفهم العرفي انه طاهر فان ما دل على طهارة ماء الاستنجاء بالملازمة العرفية يتقدم على ما دل على نجاسته كذلك ، لوروده في مورد خاص.
(الفحص عن المخصص)
قبل التكلم في أدلته ينبغي تقديم ـ ما ذكره شيخنا الأستاذ (قده) تبعاً للمحقق صاحب الكفاية ـ وهو نقطة الفرق بين الفحص هنا والفحص في موارد الأصول العملية وحاصلها هو ان الفحص في المقام انما هو عن المانع والمزاحم لحجية الدليل مع ثبوت المقتضي لها ـ وهو ظهوره في العموم ـ حيث أنه قد انعقد لفرض عدم الإتيان بالقرينة المتصلة المانعة عن انعقاد ظهوره في العموم ، والفحص انما هو عن وجود قرينة منفصلة وهي انما تزاحم حجية العام لا ظهوره ، فالمقتضي للعمل به موجود ـ وهو الظهور ـ والفحص انما هو لرفع احتمال وجود المانع عنه في الواقع ، وهذا بخلاف الفحص في الشبهات البدوية في موارد التمسك بالأصول العملية ، فانه لتتميم المقتضى ، أما بالإضافة إلى أصالة البراءة العقلية فواضح حيث ان العقل لا يستقل بقبح العقاب بدون بيان ما لم يقم العبد بما هو وظيفته من الفحص عن أحكام المولى المتوجهة إليه ، لوضوح أنه لا يجب على المولى إيصال الأحكام إلى المكلفين على نحو لا يخفى عليهم شيء منها ، بل الّذي هو وظيفة المولى بيان الأحكام لهم على النحو المتعارف بحيث انهم لو قاموا بما هو وظيفتهم وهي الفحص عنها لو صلوا إليها.
وعلى هذا الضوء فلا يكون موضوع أصالة البراءة العقلية محرزاً قبل الفحص ، فان موضوعها عدم البيان فلا بد في جريانها من إحرازه ، ومن