دليل المقيد فلا بد من حمله على أفضل الافراد أيضا بعين الملاك المزبور. فالنتيجة ان دليل المقيد إذا كان متكفلا لحكم غير إلزاميّ فلا بد من حمله على الأفضل سواء أكان دليل المطلق أيضا كذلك أو كان متكفلا لحكم إلزاميّ ، والسر فيه ما عرفت من عدم التنافي بينهما أبداً.
بقي هنا شيئان :
أحدهما : ان الإطلاق في مقام الإثبات يكشف عن الإطلاق في مقام الثبوت ، والتقييد فيه يكشف عن التقييد في ذلك لتبعية مقام الإثبات لمقام الثبوت فلو أمر المولى (بإكرام العالم) ولم يقيده بالعدالة أو الهاشمية أو ما شاكل ذلك من القيود وكان في مقام البيان فالإطلاق في هذا المقام يكشف عن الإطلاق في مقام الثبوت والواقع ، وأما إذا قيده بالعدالة فهو يكشف عن التقييد في مقام الثبوت ، ولكن ربما ينعكس الأمر فالإطلاق في مقام الإثبات يكشف عن الضيق في مقام الثبوت دون الإطلاق والسعة وذلك كما في إطلاق صيغة الأمر حيث انه في مقام الإثبات يكشف عن أن الواجب في مقام الثبوت والواقع نفسي لا غيري ، وتعييني لا تخييري وعيني لا كفائي كل ذلك ضيق على المكلف فلو أمر المولى بغسل الجنابة فان كان مطلقاً في مقام الإثبات ولم يكن الأمر به مقيداً بإيجاب شيء آخر على المكلف كشف ذلك عن كونه واجباً نفسياً في مقام الثبوت ـ وهو ضيق على المكلف ـ وان كان الأمر به مقيداً بهذا كشف ذلك عن كونه واجبا غيريا وهو سعة بالإضافة إليه ، وكذا الحال بالنسبة إلى الواجب التعييني والتخييري والعيني والكفائي ، فان الإطلاق في مقام الإثبات يكشف عن الضيق في مقام الثبوت والتقييد فيه يكشف عن الإطلاق والسعة فيه.
وثانيهما : انا قد ذكرنا غير مرة ان الإطلاق عبارة عن رفض القيود وعدم دخل شيء منها فيه ، ونتيجته تختلف باختلاف خصوصيات الموارد