ومن الغريب جداً انهم (لعنهم الله) التزموا بسلب القدرة عن الله ولم يلتزموا بسلب القدرة عن العبد مع ان الملاك في كليهما واحد ـ وهو العلم الأزلي ـ فانه كما تعلق بأفعاله تعالى كذلك تعلق بأفعال العبيد.
فالنتيجة انهم التزموا بحفظ القدرة لأنفسهم وان قلم التقدير والقضاء لا ينافيها وسلب القدرة عن الله تعالى وان قلم التقدير والقضاء ينافيها ، وهذا كما ترى.
وبعد ذلك نقول : ان المستفاد من نصوص الباب ان القضاء الإلهي على ثلاثة أنواع.
الأول : قضائه تعالى الّذي لم يطلع عليه أحداً من خلقه حتى نهينا محمد صلىاللهعليهوآله وهو العلم المخزون الّذي استأثر به لنفسه المعبر عنه باللوح المحفوظ تارة وبأم الكتاب تارة أخرى ، ولا ريب ان البداء يستحيل أن يقع فيه كيف يتصور فيه البداء وان الله سبحانه عالم بجميع الأشياء بشتى ألوانها منذ الأزل لا يعزب عن علمه مثقال ذرة لا في الأرض ولا في السماء ، ومن هنا قد ورد في روايات كثيرة ان البداء انما ينشأ من هذا العلم لا انه يقع فيه.
منها : ما رواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محمد النوفلي ان الرضا عليهالسلام قال لسليمان المروزي رويت عن أبي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال (ان لله عزوجل علمين علماً مخزوناً مكنوناً لا يعلمه الا هو من ذلك يكون البداء وعلماً علمه ملائكته ورسله فالعلماء من أهل بيت نبيك يعلمونه).
ومنها : ما عن بصائر الدرجات بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال (ان لله علمين : علم مكنون مخزون لا يعلمه إلا هو من ذلك يكون البداء وعلم علمه ملائكته ورسله وأنبيائه ونحن نعلمه).