الموضوعي تكفي للتصديق بوجوده في الخارج والا لم يكن التصور تصور مفهوم واجب الوجود. وهذا خلف ، ولعل هذا هو مراد بعض فلاسفة الغرب من أن مجرد تصور مفهوم الصانع لهذا العالم وما فوقه يكفي للتصديق بوجوده بلا حاجة إلى إقامة برهان ، وكيف كان فلا شبهة في ان إمكانه تعالى مساوق لوجوده وبالعكس ، فنفي إمكانه عين نفي وجوده كما ان نفى وجوده عين نفي إمكانه. ومن هنا يظهر حال صفاته سبحانه وتعالى فانه إذا أمكن ثبوت صفة له فقد وجب والا امتنع.
ثم ان الظاهر بحسب المتفاهم العرفي من كلمة التوحيد هو ان الخبر المقدر فيها موجود لا ممكن كما هو الحال في نظائرها مثل قولنا (لا رئيس في هذا البلد) وقولنا (لا رجل في الدار) وهكذا ، فان المتفاهم العرفي منها هو ان الخبر المقدر لكلمة (لا) فيها موجود لا ممكن ، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى ان المستفاد من كلمة التوحيد أمران : (أحدهما) التصديق بوجود الصانع للعالم كما هو مقتضى كثير من الآيات القرآنية (وثانيهما) التصديق بوحدانيته : ذاتاً وصفة ومعبوداً وإليه أشار بقوله تعالى : «قل هو الله أحد» وقوله تعالى : «إياك نعبد وإياك نستعين» فهذان الأمران معتبران في كون شخص مسلماً فلو عبد غيره تعالى فقد خرج عن رقبة الإسلام.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتائج :
الأولى : ان كلمة (الا) انما تدل على الحصر فيما إذا كانت بمعنى الاستثناء ، وأما إذا كانت بمعنى الصفة فلا تدل عليه.
الثانية : ان كلمة (انما) وضعت للدلالة على إفادة الحصر للتبادر عند العرف ، وتصريح أهل الأدب بذلك وان لم يكن لها نظائر في لغة الفرس ليرجع إليها الا انه لا حاجة إليها بعد ثبوت وضعها لذلك.