دلالة تلك النواهي على الفساد بداهة انه إذا أخذ عدم شيء في عبادة أو معاملة فبطبيعة الحال تقع تلك العبادة أو المعاملة فاسدة عند اقترانها بهذا الشيء لفرض انها توجب تقييد إطلاق أدلة العبادات والمعاملات بغير هذه الحصة فلا تشملها.
وعلى الجملة فحال هذه النواهي حال الأوامر المتعلقة بالاجزاء والشرائط في أبواب العبادات والمعاملات ، وقد ذكرناه في أول بحث النواهي بصورة موسعة ، وقلنا هناك ان الأمر والنهي في نفسهما وان كانا ظاهرين في المولوية فلا يمكن حملهما على الإرشاد من دون قرينة الا ان هذا الظهور ينقلب في هذه النواهي والأوامر وعليه فلا محالة يكون مثل هذا النهي إذا تعلق بعبادة أو معاملة مقيداً لإطلاق أدلتهما بغير هذه الحصة المنهي عنها ومن هنا لم يقع خلاف فيما نعلم في دلالته على الفساد فيهما أما في الأولى فلفرض انها لا تنطبق على تلك الحصة ومع عدم الانطباق لا يمكن الحكم بالصحّة حيث انها تنتزع من انطباق المأمور به على الفرد المأتي به خارجاً وأما في الثانية فلفرض عدم شمول دليل الإمضاء لها وبدونه لا يمكن الحكم بالصحّة.
الرابعة : انه لا إشكال ولا كلام في أن النهي النفسيّ التحريمي داخل في محل النزاع وانما الإشكال والكلام في موردين : (الأول) في النهي التنزيهي وهل هو داخل فيه أم لا؟ (الثاني) في النهي الغيري.
أما الأول فالصحيح في المقام أن يقال ان النهي التنزيهي المتعلق بالعبادة تارة ينشأ من حزازة ومنقصة في تطبيق الطبيعي الواجب على حصة خاصة منه من دون أية حزازة ومنقصة في نفس تلك الحصة ، ولذا يكون حالها حال سائر حصصه وأفراده في الوفاء بالغرض ، وذلك كالنهي المتعلق بالعبادة الفعلية كالصلاة في الحمام مثلا ، والصلاة في مواضع