بالنذر لما عرفت ، ولا يقاس ذلك بمسألتي صحة الصوم في السفر والإحرام قبل الميقات بالنذر ، فان صحتها في تلك المسألتين انما هي من ناحية الروايات الخاصة ، ومن الواضح اننا نستكشف عن هذه الروايات ان تعلق النذر بهما ملازم لانطباق عنوان راجح عليهما أو موجب له ، ولأجله يصح النذر ويجب الوفاء به فتكون تلك الروايات مقيدة لإطلاق أدلة عدم مشروعية الصوم في السفر والإحرام قبل الميقات بغير صورة النذر.
وبكلمة أخرى ان الظاهر كفاية الرجحان الناشئ من قبل النذر يعني أن تعلقه بشيء إذا كان موجباً لانطباق عنوان راجح عليه أو ملازم له ولكن إحراز ذلك يحتاج إلى دليل ففي كل مورد قد دل الدليل على ذلك ولو بالدلالة الالتزامية فلا إشكال في صحة النذر فيه كما هو الحال في تلك المسألتين ، واما إذا لم يكن دليل على ذلك فلا يمكن إحرازه وبدونه لا يمكن الحكم بصحة النذر أصلا.
فالنتيجة في نهاية الشوط هي : ان صحة الصوم في السفر بالنذر ، وكذا الإحرام قبل الميقات انما هي من ناحية أحد أمرين ، أما من ناحية أن ما دل على صحتهما بالنذر يكون مقيداً لإطلاق ما دل على اعتبار الرجحان في متعلقه ، وأما من ناحية كشفه عن عروض عنوان راجح عليه من جهة النذر على الشكل الّذي عرفت.
بقي هنا أمران ؛ الأول ما إذا علم بأن إكرام زيد مثلا غير واجب ولكن لا ندري ان عدم وجوب إكرامه من ناحية التخصيص أي تخصيص عموم (أكرم كل عالم) بغيره أو أنه من ناحية التخصيص يعني أن عدم وجوب إكرامه من ناحية أنه ليس بعالم فدار الأمر في المقام بين التخصيص والتخصص ، ومثال ذلك في الفقه مسألة الملاقي لماء الاستنجاء حيث أنه غير محكوم بالنجاسة إذا توفرت فيه الشرائط التي ذكرت ، لعدم تأثير