الدلالات عن الحجية لا يوجب سقوط غيرها عنها ، والسر فيه هو ان موضوع الحجية انما هو الظهور الكاشف عن مراد المولى ، والمفروض انه متحقق في المقام ، والمخصص المنفصل انما يمنع عن حجية هذا الظهور وكاشفيته بالإضافة إلى مقدار سعة مدلوله دون الزائد عليه ، فبالنسبة إلى الزائد فالعام باق على ظهوره وكاشفيته عن الواقع ، لعدم المانع عنه على الفرض ، وبدون المانع لا موجب لسقوطه أصلا.
ومن ذلك يظهر نقطة الفرق بين هذه النظرية ونظرية المجاز وهي ان المخصص المنفصل على ضوء تلك النظرية يكون مانعاً عن ظهور العام في العموم ومزاحماً له لا عن حجيته فحسب دون أصل ظهوره كما هو كذلك على ضوء هذه النظرية ، وعليه فإذا افترضنا ان ظهوره في العموم قد سقط من جهة التخصيص فبطبيعة الحال لا تبقى له دلالة على العموم بالإضافة إلى الافراد الباقية يعني غير افراد المخصص ، ونظير ما ذكرناه هنا موجود في سائر الأمارات والحجج أيضا مثلا إذا افترضنا ان البينة قامت على ان الدار الفلانية والدار المتصلة بها التي هي واقعة في طرف شرقها والدار الأخرى التي هي واقعة في طرف غربها كلها لزيد ، ثم أقر زيد بأن الدار الواقعة في طرف الشرق ملك لعمرو فلا يكون هذا الإقرار مانعاً عن حجية البينة مطلقاً ، وانما يكون مانعاً بالإضافة إلى مورده فحسب ، والسبب فيه هو أن هذه البينة تنحل في الواقع إلى بينات متعددة فسقوط بعضها عن الحجية لمانع لا يوجب سقوط غيرها عنها ، لعدم موجب لذلك أصلا ، وأمثلة ذلك في الروايات كثيرة.
وأما الكلام في البحث الثاني ـ وهو ما يفرض الشك في التخصيص فيه من ناحية الشبهة المفهومية ـ فيقع في مقامين : (الأول) فيما إذا كان أمر المخصص المجمل مفهوماً دائراً بين الأقل والأكثر. (الثاني) فيما