المستعمل فيه أمر آخر ، والمفروض ان المخصص المنفصل انما يكون كاشفاً عن عدم ثبوت الحكم لجميع أفراد العام في الواقع ونفس الأمر ، لا عن كون استعمال العام استعمالا مجازياً ، ضرورة انك قد عرفت ملاك الاستعمال المجازي والاستعمال الحقيقي وانه لا صلة للمخصص المنفصل بهما أصلا ، لا وجوداً ، ولا عدماً.
قد يقال كما قيل : أن المخصص المنفصل إذا كان كاشفاً عن المراد الجدي وانه غير مطابق للمراد الاستعمالي ـ وهو العموم ـ فما هو فائدة التكلم بالعامّ واستعماله في العموم ، وما هو الأثر المترتب على عموم المراد الاستعمالي بعد ما لم يكن مراداً جداً وواقعاً : وفيه مضافاً إلى ان استعمال العام في العموم كما عرفت قد يكون مما لا بد منه نظراً إلى أن المتكلم قد لا يتمكن من التكلم بالخاص لأجل مفسدة فيه أو مصلحة في تأخيره أو تقية أو ما شاكل ذلك ان استعماله فيه انما هو ضرباً للقاعدة والقانون ، حيث أنه لا يجوز التعدي عنه والخروج عن مقتضاه إلا بقيام دليل على خلافه فهو حجة بهذا العنوان العام بالإضافة إلى جميع موارده وصغرياته إلا ما قام الدليل على خروجه عنه فنأخذ به ، وفي الزائد نرجع إلى عمومه قاعدة وقانوناً.
وأما النقطة الثانية : فالامر فيها أيضا كذلك يعني أنه لا فرق بين كون المخصص ذا عنوان نوعي أو فردي ، فعلى كلا التقديرين لا يوجب التجوز في ناحية العام.
وأما النقطة الثالثة : فيردّها ما تقدم منا بشكل موسع من أن أداة العموم بنفسها تدل على أن مدخولها ملحوظ مطلقاً أي بدون أخذ خصوصية ما فيه من دون حاجة إلى إجراء مقدمات الحكمة.
إلى هنا قد انتهينا إلى هذه النتيجة : وهي ان التخصيص في العام