ولكن أنكر ذلك شيخنا الأستاذ (قده) وقال بأن الاستصحاب لا يجري في العدم الأزلي ، واستدل على ذلك بعدة مقدمات :
الأولى : ان التخصيص سواء أكان بالمتصل أو بالمنفصل وسواء أكان استثناء أو غيره انما يوجب تقييد موضوع العام بغير عنوان المخصص فإذا كان المخصص أمراً وجوديا كان الباقي تحت العام معنوناً بعنوان عدمي. وان كان المخصص امراً عدمياً الباقي تحته معنوناً بعنوان وجودي ، والوجه فيه هو ما تقدم من ان موضوع كل حكم أو متعلقه بالنسبة إلى كل خصوصية يمكن أن ينقسم باعتبار وجودها وعدمها إلى قسمين مع قطع النّظر عن ثبوت الحكم له لا بد من أن يؤخذ في مقام الحكم عليه أما مطلقاً بالإضافة إلى وجودها وعدمها فيكون من الماهية اللا بشرط القسمي أو مقيداً بوجودها فيكون من الماهية بشرط شيء ، أو مقيداً بعدمها فيكون من الماهية بشرط لا ، لأن الإهمال في الواقع في موارد التقسيمات الأولية مستحيل ، مثلا العالم في نفسه ينقسم إلى العادل والفاسق مع قطع النّظر عن ثبوت الحكم له ، وعليه فإذا جعل المولى الملتفت إلى ذلك وجوب الإكرام له فهو لا يخلو من ان يجعل له مطلقاً وغير مقيد بوجود العدالة أو بعدمها ، أو يجعل له مقيداً بإحدى الخصوصيّتين ، ضرورة أنه لا يعقل جهل الحاكم بموضوع حكمه وانه غير ملاحظ له لا على نحو الإطلاق ولا على نحو التقييد ، ولا فرق في ذلك بين أنواع الخصوصيات وأصنافها ، وعليه فإذا افترضنا خروج قسم من الأقسام عن حكم العام فلا يخلو من أن يكون الباقي تحته بعد التخصيص مقيداً بنقيض الخارج فيكون دليل المخصص مقيداً لإطلاقه ورافعاً له ، أو يبقى على إطلاقه بعد التخصيص أيضا ، ولا ثالث لهما ، وبما ان الثاني باطل جزماً لاستلزامه التناقض والتهافت بين مدلولي دليل العام ودليل الخاصّ فيتعين الأول.