نعم ، ذهب إليه بعض أصحابنا كما يأتي.
وأمّا ثانياً : فلأنّها لو صحّت لدلّت على عدم الجواز دون الردّ ، كما ذهب إليه في السرائر (١).
وأمّا ثالثاً : فلمعارضتها مع مثلها ، حيث روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال « خير الشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل أن يُسألَها » (٢).
وأمّا وجه النظر في كونه موضع التهمة فيظهر ممّا ذكره الأردبيلي ، قال : وأنت خبير أنّ التهمة غير ظاهرة ، خصوصاً إذا كان جاهلاً ، فإنّا نجد كثيراً مَن يشهد قبل الاستشهاد من غير ميل إلى إثبات المشهود ، بل قد يكون إلى عدمه أميل ؛ لغرض مثل : فقر المشهود عليه ، أو مصاحبته ، أو عداوة المشهود له ؛ اعتقاداً لوجوب الشهادة وتحريم كتمانها ، كيف؟! والعدالة تمنع من الشهادة على الكذب مع العلم بقبحه والوعيد في الكتاب والسنّة وتحريمه بإجماع المسلمين (٣). انتهى.
بل نحن شاهدنا شهادات تبرّعية غير محصورة كثرةً لم يكن لشاهدها ميل أصلاً ، سيّما مع تخصيص التبرّع بما كان قبل استنطاق الحاكم كما في كلام بعضهم (٤) ولو كان أحضره المدّعى للشهادة ، أو طلبه الحاكم لذلك.
بل كان تبرّعه لأحد الوجوه التي ذكرها الأردبيلي ، أو لزعمه كفاية الإحضار لأجل الشهادة في ذلك ، أو لأجل شغل له يريد أداء الشهادة والذهاب ، أو لأجل أنّه مائل إلى إحقاق الحقّ ويزعم أنّ المدّعى أو الحاكم
__________________
(١) السرائر ٢ : ١٣٣.
(٢) صحيح مسلم ٣ : ١٣٤٤ ، ١٧١٩.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان ١٢ : ٣٩٩ ٤٠٠.
(٤) انظر الرياض ٢ : ٤٤٠.