لا يعلم بكونه شاهداً ، أو لتعجّبه في الإنكار ، أو نحو ذلك.
بل من احتمل في حقّه التهمة لم نشاهده إلاّ نادراً ، والتهمة فيه أيضاً حصلت من امور أُخر زائدة على التبرّع.
ومن هذا يظهر ما في كلام بعض مشايخنا المعاصرين من عدّ صورة عدم التهمة من الأفراد النادرة (١).
ومن أقوى الشواهد على عدم إيجابه للتهمة وأنّ مَن منعها من القدماء ليس لأجلها تفرقتهم فيه بين حقوق الآدميّين وغيرها ؛ إذ لو كان التبرّع موجباً لها لما كان فيه فرق بين الحقّين ، وكان الردّ في حقّ الله أظهر ؛ لوجوب درء الحدود بالشبهات ، ولذا تردّ شهادة سائر المتّهمين في حقّ الله عند من يعتبر عدم التهمة.
وعمدة ما جعلوه دليلاً للتفرقة جارٍ في الموضعين كما يأتي.
وعلى هذا ، فالحقّ هو القبول كما هو ظاهر المحقّق الأردبيلي (٢) ، ويظهر من الكفاية الميل إليه (٣) ، وهو صريح الحلّي في السرائر ، وإن قال بعدم جواز التبرّع وكونه مذموماً كما هو مذهب العامّة ، قال : لا يجوز للشاهد أن يشهد قبل أن يُسأل عن الشهادة ، كما لا يجوز له كتمانها وقد دعي إلى إقامتها ، إلاّ أن تكون إقامتها تؤدّي إلى ضرر على المشهود عليه لا يستحقّه على ما قدّمناه ، فإنّه لا يجوز حينئذٍ إقامة الشهادة وإن دعي إليها.
أو يكون فيما قلنا إنّه لا يجوز للشاهد أن يشهد قبل أن يُسأل
__________________
(١) انظر الرياض ٢ : ٤٤٠.
(٢) مجمع الفائدة ١٢ : ٤٠٠.
(٣) كفاية الأحكام : ٢٨٢.