أنّه لم يجز لنا الشهادة في مقام التنازع والمرافعة في تلك الواقعة ، وأيّ محذور فيه؟! ولا نزاع ولا منازع.
ويرد على الثاني أيضاً ما مرّ من أنّه لا يستلزم عدم جواز الشهادة بالاستفاضة عدم إمكان الثبوت بها عند الحاكم وغيره ، فإنّ الثبوت لا يستلزم جواز الشهادة ، كما في شهادة العدلين ، بل المرأة الواحدة في ربع الوصيّة.
وبذلك ظهر ضعف القول الأخير بالنسبة إلى الشهادة ، وكذا بالنسبة إلى نفس الثبوت عند الحاكم وغيره ، بأن يجعل الاستفاضة الظنّية موجبة للثبوت ، فإنّ الأصل عدم الثبوت بها ، وعمومات النهي عن العمل بالظنّ وعدم إعبائه عن الشيء تمنع اعتباره.
ثم أضعف من ذلك بالنسبة إلى الشهادة ما حكي عن الشيخ أيضاً ، من كفاية السماع عن العدلين فصاعداً ، فيصير بسماعه شاهد أصل ومتحمّلاً للشهادة ؛ لأنّ ثمرة الاستفاضة هي الظنّ ، وهو حاصل بهما (١).
وفيه أولاً : منع اعتبار الاستفاضة المثمرة للمظنّة.
وثانياً : أنّه لو سلّم ينبغي الاقتصار عليه ؛ لعدم دليل على العموم.
وثالثاً : أنّه لو كان سبباً لاعتبار مطلق الظنّ لزم اعتباره ولو حصل من واحد ـ ولو أُنثى أو فاسق.
والجواب بالاختصاص بما ثبت اعتباره شرعاً ، أو ما أفاد الظنّ القوي.
مردودٌ بأنّه إن أُريد اعتباره مطلقاً أو في مقام الشهادة فلم يثبت ها هنا أيضاً.
__________________
(١) المبسوط ٨ : ١٨١ ، وحكاه عنه في الرياض ٢ : ٤٤٨.