فإنّه يمكن أن يراد من هذه الكلمات أنّه إذا كان كذلك ظاهراً يكون عادلاً ، وتكون هذه الأفعال الظاهرة هي العدالة.
ولكن الظاهر من المعروفيّة بذلك كما في كلام المفيد [ ومن ] (١) قوله : ويعرف بذلك كما في كلام النهاية أن يُعلَمَ ذلك منه ، وحسن الظاهر لا يكفي في العلم والمعرفة ، وكذا الورع عن المحارم ، أو اجتناب القبائح أو الكبائر. ونحوها ممّا وقع في كلمات الباقين حقائق في تحقّق هذه الأُمور واقعاً ، ومجرّد الحصول في الظاهر لا يكفي فيه ، فالمستفاد من هذه الكلمات أيضاً أمر زائد على حسن الظاهر ، فهو أيضاً كظاهر الإسلام ممّا لم يُعلَمْ قائل بكفايته بخصوصه من القدماء ، بل المتوسّطين ، فكيف عن كونه نفس العدالة؟!
ويمكن أن يكون المراد من الظاهر : المحسوس مقابل غير المحسوس الذي هو الملكة ، فيكون المراد : أنّ العدالة هي هذه الأفعال المحسوسة وإن لم يكن منشؤها الملكة. ولا ينافي اشتراط العلم والمعرفة بها ؛ لعدّها عدالة ، فيكون المراد : أنّه يجب أن تعرف منه هذه الأعمال حتى يحكم بعدالته ؛ لأنّها هي العدالة.
نعم ، ورد هذا العنوان في عبارات جمع من المتأخّرين (٢) مضطرباً بين عدّه دليل العدالة وطريق معرفته كما هو ظاهر الأكثر أو نفسها.
ويمكن أن يكون المراد منه أيضاً : الظاهر المقابل للواقع ونفس الأمر ، وأن يراد منه المحسوس ؛ وكيف كان لم يظهر من أحد القول بأنّه هو العدالة.
__________________
(١) في « ح » و « ق » : من ، والأنسب ما أثبتناه.
(٢) منهم الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣٦١.