وقال والدي العلاّمة قدسسره في المعتمد بعد ما قال أولاً : إنّ حسن الظاهر أو ظاهر الإسلام لا يكفي لطريق معرفة العدالة ؛ لعدم استلزامهما لدليل العدالة حتى يعلم ثبوته بثبوتهما ونعْمَ ما قال ـ : إنّ هذا الاكتفاء إما لكونهما دليل العدالة كما يومئ إليه بعض الظواهر فقد ظهر فساده.
أو نفسهما ، فهو خلاف ما ثبت في عرف الشريعة والحكمة ، بل الظاهر مخالفته للإجماع ؛ إذ لم نعثر على مصرّح من المشاهير بكون العدالة في عرف الشرع أحدهما.
أو لعدم اشتراطهما في الشاهد ومثله ، وكفاية أحدهما في قبول الشهادة وإن لم يكن عدالة ولا دليلاً لها ، فهو خلاف النصّ القرآن والإجماع القطعي ، بل الضرورة. انتهى ملخّصاً.
وأمّا الملكة التي تبعث على ملازمة التقوى والمروّة ، واجتناب الكبائر والأفعال الرذيلة فهي الراجعة إلى العدالة في عرف علماء الأخلاق ، حيث عرّفوها : بأنّها هيئة نفسانيّة يقتدر بها على تعديل جميع الصفات والأفعال ، وردّ الزائد والناقص إلى الوسط ، وانكسار سورة التخالف بين القوى المتخالفة.
وبتقرير آخر : ملكة يقتدر بها العقل العملي على ضبط جميع القوى تحت إشارة العقل النظري.
ووجه الرجوع : أنّ ارتكاب المعاصي أو مخالفة المروّة إنّما ينشأ عن مخالفة القوّة العمليّة أوامر العقل النظري ، وإلاّ لما ارتكب إلاّ ما يشير إليه ، وهو لا يشير إلاّ إلى ملازمة التقوى والمروّة ، فجميع الفضائل النفسانيّة والأعمال الظاهريّة مرتّبة على العدالة.
ولذا قال أفلاطون : العدالة إذا حصلت للإنسان أشرق بها كلّ واحد