اجتنابه من المحرّمات وترك الواجبات ، ولا يعلم أنّ اجتنابه عن الجميع هل هو منبعث عن صفة نفسيّة مقتضية له حتى يكون عادلاً ، أو منضمّة مع صفة مقتضية لخلافه وإن اتّفق الاجتناب بسبب خارجي حتى يكون فاسقاً ، أو لا يقارن شيئاً من الصفتين حتى لا يكون عادلاً ولا فاسقاً ، فنسبة الأصل إليهما على السواء ، وكلاهما خلاف الأصل.
أو فيمن لا يعلم أنّه هل هو مجتنب عمّا يشترط اجتنابه في تحقّق العدالة ، أم لا؟
وظاهر كلام أكثر من تعرّض للمقام أنّ الأصل فيه الفسق (١) ؛ لأنّ الأصل وإن كان عدم ارتكاب الأفعال المحرّمة ، ولكنّ الأصل عدم الإتيان بالواجبات العلميّة والعمليّة ، وهو كافٍ في تحقّق الفسق.
ومنهم من قال بتساوي نسبتهما إلى الأصل ؛ لأنّ الأصل وإن كان عدم الإتيان بالواجبات إلاّ أنّ الأصل عدم وجوبها أولاً (٢).
أمّا المشروطات الغير المتيقنة حصول شرطها كغسل الجنابة ، والمسّ ، وحجّ البيت ، والزكاة ، والخمس ، والكفّارات ، والنذورات ، ونحوها ، وهي أكثر الواجبات فظاهر.
وأمّا المطلقات ، فلأنّ وجوبها إنّما هو مع انتفاء الجهل الساذج ، أو السهو ، أو النسيان ، أو الخطأ ، أو العذر ، ومع ثبوت وجوبها فالأصل وإن كان عدم الإتيان بها ولكن يعلم كلّ أحد أنّ المكلّف ليس باقياً على حالٍ كانت عليه قبل التكليف وقبل تعلّق وجوب الفعل عليه ، بل تبدّلت حالاته وانتقل من حال إلى حال ، ومن فعل إلى فعل ، بل يعلم قطعاً أنّه في كلّ
__________________
(١) انظر التنقيح ٤ : ٢٨٩ ، المسالك ٢ : ٣٦١ ، كشف اللثام ٢ : ٣٧٠.
(٢) انظر الحدائق ١٠ : ٢٤.