يوم ليس باقياً على فعل يومه السابق ، بل تركه ونام ، ثم استيقظ وتجدّدت أفعاله ، فكما أنّ الأصل عدم تلبّسه بالفعل الواجب عليه (١) ، الأصل عدم تلبّسه بأحد أضداده الخاصّة الوجوديّة أيضاً ؛ ومع ذلك ففي كثير من الواجبات يجب البناء على الفعل والتحقّق ، كالتطهّر من الأخباث ، والتذكية ، وأداء الزكاة والخمس ، بل أكثر الاعتقادات.
وعلى هذا ، فنسبة الأصل إليهما على السواء.
وفيه : أنّ هذا كان حسناً لو كان أحد أفراد الفسق هو الإتيان بأحد الأضداد الوجوديّة للواجب ، كما أنّ العدالة موقوفة على الإتيان بالواجب ، فيصحّ أن يقال : إنّ الأصل بالنسبة إليهما على السواء ، ولكنّ الفسق يتحقّق بعدم الإتيان بالواجب ، والعدالة موقوفة على الإتيان به ، والأصل عدم الإتيان ، ولا دخل لأصالة عدم الإتيان بالأضداد بالمقام ، وإن كان هو من مقارنات عدم الإتيان بالواجب في الخارج ؛ لعدم خلوّ الإنسان عن الأكوان.
ولكن ها هنا كلاماً آخر أتقن ، وهو أنّ الثابت بالاستصحاب والأصل هو إبقاء الأحكام التوقيفيّة من الشارع من الشرعيّات والوضعيّات للمستصحب بعد حصول الشكّ في بقائه.
وأمّا الأحكام العقليّة والعرفيّة والآثار والخواصّ المترتبة عليه بالتجربة وأمثالها فلا تترتّب عليه قطعاً ، ولا يجب إبقاؤها أبداً.
فإنّا نحكم بعدم جواز تقسيم إرث الغائب في موضع لا يوجد فيه مأكول إلاّ أمداد معيّنة من خبز ، وعدم جواز نكاح زوجته ، ووجوب نفقتها على ماله ، ونحو ذلك من الأحكام الشرعيّة. ولكن لا نحكم بنقص شيء
__________________
(١) في « ق » : علمه.