على أن إرادة استيفاء نفس الحق من المرهون لا يتم في الدين المجمع على جواز الرهن عليه ، ضرورة عدم كون الثمن عين الدين الكلي الذي اشتغل به الذمة إذ لا ريب في مغايرته لجزئياته ، ولو في الجملة ، سيما على القول بأن وجوده في الخارج في ضمن الفرد ، لا عينه ، على أن ذلك كله في الرهن على الدين ، لا مطلق الرهن المفروض شموله للرهن على العين الذي معناه ما ذكرناه.
وعلى كل حال فالإشكال من هذه الجهة واضح الفساد ، كل ذلك مضافا إلى المعتبرة المستفيضة المتضمنة لنفي البأس عن الاستيثاق للمال ، كصحيح محمد بن مسلم (١) عن أحدهما عليهماالسلام « سألته عن السلم في الحيوان والطعام ويؤخذ الرهن؟ فقال : نعم استوثق من مالك ما استطعت » ونحوه غيره الشاملة بإطلاقها لمحل الفرض ، ضرورة صدق المالية عليه فلا بأس بالاستيثاق له.
والمناقشة ـ بأن الاستيثاق بهذا الرهن أول الكلام ، فإنه لا استيثاق إلا بعد صحته وعدم جواز رجوع الراهن فيه ـ واضحة الفساد ، ضرورة إرادة نفس الرهن من الاستيثاق فيها ، فالمراد أنه لا بأس بأخذ الرهن لمالك ، وهو شامل للدين والعين ، فيدل على الصحة ، ويجري عليه جميع أحكام الرهن.
فمن الغريب وقوعها من بعض الأساطين كالمناقشة بكون الخارج عن ذلك من الرهون الفاسدة أضعاف الداخل ، فيخرج عن الحجية ، ضرورة فسادها بمنع كونه مما يخرج به عن الحجية بعد ملاحظة الأصناف ، خصوصا إذا كان المعيار الوصول إلى حد الاستهجان ، فلا ريب حينئذ بعد ذلك كله في أن الأقوى صحة الرهن عليها ، وفاقا للفاضل ، والشهيدين ، والمحقق الثاني ، وغيرهم ، بل قد يقال :بصحته للمضمون بحكم العقد كالثمن والمبيع ونحوها ، بل ظاهر الدروس وغيرها تلازم الحكم بالصحة فيه ، للحكم بالصحة في الأعيان المضمونة ، قال : « ويجوز على عهدة الثمن لو خرج مستحقا ، وكذا المبيع والأجرة وعوض الصلح إن جوزنا الرهن على الأعيان والضرر بحبس الرهن دائما مستند إلى الراهن ، ولعلهما إذا أمنا الاستحقاق يتفاسخان ». وفي جامع المقاصد بعد أن فرغ من البحث في ضمان
__________________
(١) الوسائل الباب ١ من أبواب الرهن الحديث ٥.