الأصل يقتضي عدمها ، كما لو شك في الطهارة أو الاستقبال أو التستر أو نحو ذلك بعد الصلاة ، خصوصا إذا كان أصلها ثابتا كما لو تيقن الحدث بعد الفراغ من الصلاة ، ولكن لا يعلم سبقه عليها أو بالعكس ، فقوله إن الشرائط لا بد من إحرازها بيقين أو باستصحاب ، إن أراد به قبل التلبس بالفعل ، فهو مسلم ، ولكنه غير ما نحن فيه ، وإن أراد بعده ، فهو واضح المنع ، ضرورة اقتضاء أصالة صحة فعل المسلم ما ذكرنا ، بل الظاهر اقتضاؤها وإن كان الشرط من فعل الغير ، كما لو صلى في لباس غيره أو مكان كذلك ، ثم شك في أنه هل كان مأذونا أولا؟ فإنه يحكم بصحة فعله ، ولا يكلف بالإعادة ، وكذا لو شك بعد البيع هل كان مأذونا أولا؟.
نعم أصل صحة الفعل لا يسقط بها حق غير الفاعل إذا أنكر ، فللمالك الأجرة في المثال ، ويحكم بعود المال لو كان موجودا لو باعه ، لأن أصالة صحة فعله لا تقتضي سقوط حق غير الفاعل ، أما في مثل الفرض الذي قد تحقق فيه أصل الإذن ، فقد يتجه دعوى جريان أصالة صحة البيع التي يكفي فيها احتمال عدم الرجوع قبله ، ففي الحقيقة سقوط حقه بإذنه ، لا بأصالة الصحة ، إلا أنه يعارض ذلك أصالة الصحة في رجوعه ، ضرورة كونه فعلا من أفعال المسلم الذي ينبغي حملها على الصحة التي هي هنا الحكم بكونه قبل البيع ، حتى يؤثر فسادا ، فصحيحة ذلك ، وفاسده الواقع بعد البيع ، لعدم تأثيره ، إذ ليس الفساد والصحة إلا ترتب الأثر وعدمه ، ودعوى ـ تساقطهما والرجوع إلى الأمر بالوفاء بالعقود الذي هو غير أصل الصحة ضرورة شموله لما لم يحكم بصحته وفساده ، بعد الإغضاء عما فيها ـ يدفعه أنه شامل ، لعقد الرهن أيضا ، فيكون مخاطبا بالوفاء به.
نعم لو كان النزاع في أصل الرجوع وعدمه اتجه الحكم بصحة البيع ، ونفى الرجوع بالأصل ، واستصحاب بقاء الاذن ، ودعوى أن الفرض من ذلك ـ إذ قول الراهن رجعت بعد البيع كلام أجنبي ، لا مدخلية له في الدعوى ، وإنما العمدة قوله لم ترجع قبل البيع ، فهو منكر والمرتهن مدع ـ يدفعها أنها ليست بأولى من العكس ،