عن شهرتهم حتى جزموا باللزوم ، وشددوا النكير على دعوى كونه من العقود الجائزة ، وقد عرفت البحث في ذلك سابقا ، وأن مرادهم من الجواز عدم الالتزام بما يفهم من القرض من التأجيل في مقابلة المحكي عن مالك ، وجوازه بهذا المعنى مسلم لا يكاد ينكره أحد من الشيعة ، والنصوص واضحة الدلالة عليه ، ضرورة ظهورها في رجحان التأخير والإمهال والإنظار ، والترغيب في ذلك على وجه صريح أو ظاهر في الندب.
خصوصا مثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) « من أقرض أخاه المسلم كان له بكل درهم وزن جبل أحد من جبال رضوى وطور سيناء من حسنات ، وإن أرفق به في طلبه تعدى به على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب ولا عذاب » وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) « من أقرض مؤمنا قرضا حسنا ينظر ميسوره كان ماله في زكاة ، وكان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه » وغيرهما مما هو كالصريح في جواز رجوعه ومطالبته أي وقت شاء ، وأنه محسن لا سبيل عليه.
وحينئذ مقتضى إطلاق هذه الأدلة جواز ذلك حتى مع اشتراط الأجل الذي هو في الحقيقة التصريح بما بنى عليه القرض والمتعارف منه ، والذي ندب إليه وحث عليه ، بل قيل : إنه إذا لم يجب الوفاء بالأجل المدلول عليه بنفس العقد ضمنا مع أن الأصل لزوم الوفاء به ، فعدم الوجوب إذا كان مدلولا عليه بالشرط أولى ، على أن التعارض بين ما دل على لزوم الشرط ، وبين ما دل على استحباب القرض ، وأن لكل منهما الرجوع متى شاءا ، وإن لم يكن بمعنى فسخ ملك العين المقترضة من وجه ، ولا ريب في أن الترجيح للثاني ، ولو للشهرة العظيمة ، بل الإجماع المحكي الذي يشهد له التتبع.
والمناقشة ـ بمنع تعلق الاستحباب بخصوص المدلول ، بل بسببه الذي هو إجراء الصيغة ، وإن كان الوجه في تعلقه به هو رجحان العمل بمسببه ، فيرجع حاصل
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الدين ـ الحديث ـ ٥.
(٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الدين ـ الحديث ـ ٣.