الأدلة إلى استحباب الإقدام على القرض ، وإيجاد سببه ، ولا ينافيه وجوب المسبب بعده ، وإن هو إلا كالتجارة ، فقد تظافرت الأدلة باستحبابها مع وجوب العمل بمقتضيات أسبابها كدفع المبيوع ونحوها ، وككثير من العبادات المستحبة الواجبة بالشروع فيها ، وبالجملة استحباب الشيء ابتداء غير وجوبه استدامة ، فاستحباب الاقتراض ابتداء لا ينافي وجوب العمل بمقتضى عقده بعد إيجاده ـ يدفعها ظهور النصوص التي منها ما ذكرناه في استحبابه استدامة ، وفي أن للمقترض الوفاء متى شاء كما لا يخفى على من تأملها أدنى تأمل.
نعم لو ادعي تقييدها بما إذا لم يشترط الأجل ، كان الجواب عنه ما عرفت من أنه ليس بأولى من تقييد أدلة الشرط بما إذا لم يكن مقتضيا لتأخير القرض ، بل هو أولى من وجوه ، بل مقتضاه عدم لزوم هذا الشرط ولو كان في عقد لازم غير القرض إلا أن شهرة الأصحاب فيه على اللزوم ، فترجح أدلة الشرط حينئذ عليه ، خصوصا بعد معروفية عدم الخلاف فيه.
نعم في الدروس ولو شرط تأجيله في عقد لازم ، قال الفاضل : يلزم تبعا للازم ويشكل بأن الشرط في اللازم يجعله جائزا فكيف ينعكس ، وعن الحواشي أن في ذلك إشكالا ، لأنه إن أريد بلزومه توقف العقد المشروط عليه فممنوع ، لكنه خلاف المتبادر من كونه لازما ، ولا يقتضيه أيضا كما هو ظاهر ، إذا العقود المشروط فيها شروط لا يقتضي لزومها ، بل فائدتها تسلط من يتعلق غرضه بها على الفسخ بالإخلال بها ، وإن أريد لزوم ذلك الشرط في نفسه : بمعنى أنه لا سبيل إلى الإخلال به لم يطرد ، إلا أن يفرق بين اشتراط ما سيقع وما هو واقع ، ويجعل التأجيل من قبيل الواقع فيتم بهذا.
وفيه أن المراد بكون الشرط لازما وجوب الوفاء به ، كما وجب الوفاء بالعقد اللازم ، لأنه من جملة مقتضياته ، وتسلط من تعلق به غرضه على الفسخ بدونه لا ينافي هذا المقدار من اللزوم من طرف العاقد الآخر ، فيكون الشرط والعقد لازما من طرف المشترط له عليه ، ومن طرف من تعلق به غرضه يكون العقد لازما مع الإتيان