بل هو في معنى الإبراء وهو الأصح ، لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) قال لكعب بن مالك : « أترك الشطر واتبعه ببقيته » وروي ذلك عن الصادق عليهالسلام (٢) وينبغي أن يكون صورته صالحتك على ألف بخمسمائة ، فلو قال بهذه الخمسمائة ظهرت المعاوضة ، والأقوى جوازه أيضا لاشتراكهما في الغاية.
قلت : قد يشكل الأخير بأنه لو صح لصح في المعنيين مع التفاوت ، على أن يكون الصلح بمعنى هبة الزائد ، ولا ريب في عدم جوازه لكونه معاوضة حينئذ ، اللهم إلا أن يفرق بينهما وهو غير بعيد كما ستعرف ، ولو صالح عن ألف حال بخمسمائة مؤجلة ففي التحرير أن الوجه الجواز ، ولعله لأنه كالعكس ، لكن فيه أنه يمكن الفرق بينهما فتأمل ، ويأتي في الصلح تمام الكلام إن شاء الله.
هذا وفي المسالك أنه كما يعتبر التراضي في إسقاط البعض ، يعتبر في تعجيله بغير إسقاط ، لأن الأجل أيضا حق لهما ، لتعلق غرض كل منهما به ، فإن التعجيل قد لا يرضى به صاحب الحق ، لحصول ضرر لخوف ونحوه ، وبالنسبة إلى الآخر واضح لكن إسقاط الأجل يكفي فيه مجرد الرضا ، أما إسقاط بعض الحق فيحتمل كونه كذلك ، كما يقتضيه ظاهر إطلاقهم ، ويكون الرضا بالبعض قائما مقام الإبراء ، فإنه كما يظهر من تضاعيف كلامهم أنه لا يختص بلفظ ، وفي كتاب الجنايات يقع بلفظ العفو ونحوه فيكون هذا منه ، ويحتمل قويا توقف البراءة على لفظ يدل عليه صريحا كالبراءة والإسقاط والعفو والصلح ، لا مطلق الرضا لأصالة بقاء الملك إلى أن يتحقق المزيل شرعا.
وفيه أن مثله يأتي في إسقاط الأجل ، نعم يسقط به مع قبض المال من المستحق وحينئذ فالمتجه إسقاط بعض الحق معه ، إذا وقع بعنوان المعاوضة عن الجميع ، ضرورة كونه حينئذ من معاطاة الصلح ، لكن يأتي فيه حينئذ إشكال الربا ، إذ هو كالصلح عن الزائد بالأقل المعين ، وقد عرفت قوة احتمال المعاوضة ، خلافا للدروس فألحقه بالأقل غير المعين الذي لا يكون إلا إبراء اللهم إلا أن يقال بصحة ذلك في المقام من
__________________
(١) المستدرك ج ٢ ص ٤٩٩ الوسائل الباب ٦ ـ من أبواب الصلح الحديث ١.
(٢) المستدرك ج ٢ ص ٤٩٩ الوسائل الباب ٦ ـ من أبواب الصلح الحديث ١.